أخطاء ارتكبها ترامب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل
- Hossam Elkholy

- 21 يونيو 2018
- 4 دقيقة قراءة

"ألترا صوت" "إن إعلاني اليوم يمثل بداية لنهج جديد تجاه الصراع بين اسرائيل والفلسطينيين، ففي عام 1995، إعتمد الكونجرس قانون سفارة القدس حثَّ فيه الحكومة الفدرالية على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بأن تلك المدينة – وبشكل هام جدا – هي عاصة اسرائيل. وقد تم إقرار القانون في الكونجرس بأغلبية ساحقة من كِلا الحزبين، وقد أُعيد تأكيده بالاجماع من قبل مجلس الشيوخ قبل ستة اشهر فقط، ومع ذلك، ولأكثر من عشرين سنة، مارس كل رئيس أمريكي سابق الإعفاء الذي يسمح به القانون – رافضا نقل السفارة الأمريكية إلى القدس أو الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، لقد اصدر الرؤساء هذه الإعفاءات ظنا منهم بأن تأخير الاعتراف بالقدس من شأنه أن يعزز قضية السلام. ويقول البعض بأنهم كانت تنقصهم الشجاعة، غير انهم اتخذوا ما اعتقدوا أنه القرار الصائب على أساس حقائق فهموها في حينها. ومع ذلك فإن النتيجة تتحدث عن نفسها. فبعد اكثر من عقدين من الإعفاءات، نحن غير قريبين من تحقيق اتفاق سلام دائم بين اسرائيل والفلسطينيين. وسيكون من الحماقة ان نفترض بأن تكرار نفس الصيغة بالضبط من شأنه أن يأتي بنتيجة مغايرة أو افضل".
كلمات من الخطبة التي اتهم فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رؤساء أمريكا السابقين بـ"عدم الشجاعة"، ثم أعلن رسميًا عن عزمه نقل سفارة الولايات المتحدة في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وقال "نحن لا يمكننا حل مشكلاتنا عند القيام بنفس الافتراضات الفاشلة وتكرار نفس الاستراتيجيات الفاشلة من الماضي"، وهو ما تصدر عناوين كل الصحف العالمية مثيرًا غضبًا عالميًا، بالرغم من التحذيرات المتكررة من نظرائه حول العالم قبل أن يقبل على الأمر.
في المقابل من الإعلان ثمة "صمت أو عار عربي" نراه لا يتحرك سوى بالشجب والحث على التراجع، ما جعل تأكيدات صحف عالمية مثل وكالة أسوشيتد برس صحيفة نيويورك تايمز وأيضًا رويترز في تغطيتها اليوم بأن "في نهاية الأمر، فإن القرارات التي فرضها ترامب ليس لدى العرب ما يمكنهم القيام به لمواجهتها"، باعتبار أن الدول العربية المؤثرة منهمكة في مشكلاتها الداخلية.
وبالرغم من كل ذلك وضع ترامب نفسه والولايات المتحدة الأمريكية معه أمام خمسة أخطاء فادحة بصدور هذا القرار نحاول استعراضهم خلال هذا التقرير:
انتهاك القانون الدولي
يبدو أن القرار يتعدى بشكلٍ واضح على القانون الدولي؛ فخلال تصريحات مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الخارجية نبيل شعث قال"أن قرار دونالد ترامب ينتهك القانون الدولي، والاتفاقات الدولية التي تركت وضع المدينة معلقًا لحين التوصّل إلى إتفاق شامل ونهائي بين فلسطين وإسرائيل، كما أن هذا الإعلان سيشجّع دولًا أخرى صغيرة بأن تتخذ نفس الموقف الأمريكي، مثل بعض دول أوروبا الشرقية، خاصة بعد إعلان الفلبين عزمها نقل سفارتها إلى القدس أيضًا، وسيشجَع ذلك إسرائيل على القيام بعمليات تطهير عرقي، والوقوف ضد أي ضغوط دولية في عملية السلام".
أيضًا يعتقد كبير المفاوضين الفلسطينيين ورئيس الوزراء السابق صائب عريقات وأشار إلى أن الولايات المتحدة ألغت دورها في عملية السلام بعد هذا القرار، وأن ترامب ارتكب أكبر خطأ في حياته، وسيزيد هذا القرار من التطرف في المنطقة، كما أنه غير صحيح وينتهك القانون الدولي، بينما قال عضو مكتب العلاقات العربية والإسلامية، والناطق باسم حركة حماس، سامي أبو زهري، إن قرار ترامب بشأن القدس لن يفلح في تغيير حقيقة كون القدس أرض عربية إسلامية.
الإضرار بالأمن القومي العالمي
بحسب تصريحات نائب أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح فايز أبو عيطة قال "أن إعلان ترامب يضر بالأمن القومي للعالم العربي بأسره، وليس فقط بفلسطين، وأن حركة فتح سترفض أي مقترحات لعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية بأن تكون القدس عاصمة لإسرائيل". بينما قال السفير الفلسطيني في مصر دياب اللوح "أن القرار هو في الواقع قبلة الموت لأي مظهر من مظاهر السلام والاستقرار في المنطقة. وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي لا يدرك خطورة وتداعيات قراره".
في الوقت ذاته أصدرت بعض السفارات بالقاهرة تحذيرات أمنية إلى رعاياها ومن بينها السفارة الأمريكية والتي قالت إنه بالرغم من عدم معرفتها بأي مظاهرات مزمعة احتجاجًا على قرار نقل السفارة، فإنه ينبغي على الرعايا الأمريكيين متابعة الأخبار وتوخّي الحذر بشكلٍ كبير وإتخاذ الخطوات المناسبة لتعزيز أمنهم الشخصي واتّباع التعليمات الصادرة عن السلطات المحلّية، كما أشارت السفارة الكندية إلى احتمال حدوث مظاهرات ونصحت رعاياها بتوخّي الحذر وتجنب التجمّعات الكبيرة.
زيادة التركيز على سقطات ترامب في الحكم
يعتقد كثيرين قبل هذا القرار بأن وصول ترامب للبيت الأبيض كان في صالح داعم بعضٍ من مجموعات متطرفة وعنصرية، هذا إلى جانب ما أحدثه دونالد ترامب من صراعات داخلية وخارجية بمجرد دخوله للبيت الأبيض.
إلى جانب كل ذلك قد يكون إعلان ترامب لبُعد الأنظار عن سقطاته وأخطائه التي يتصدرها تحقيقات الأجهزة الأمريكية بخصوص تدخل روسيا في تلك الإنتخابات لحساب ترامب، وهو ما أشار إليه خبير الشؤون الدولية إدموند غريب قائلًا أنه "قد يكون إعلان دونالد ترامب جزء من استراتيجيته لصرف الأنظار عن الشؤون الداخلية الأمريكية، بما في ذلك تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن علاقة مسؤوليه بروسيا".
سقوط أمريكا من كوسيط للسلام
في الوقت الذي ذكرت فيه رويترز أن مسؤولين بحركة حماس أعلنوا رفضهم للقرار ووصفوه بأنه اعتداء صارخ على الشعب الفلسطيني، صرّح عضو حركة حماس الدكتور صلاح البردويل قائلًا "أن هذا القرار يعد نقطة فاصلة في العلاقات الأمريكية العربية، ويكشف مدى سيطرة إسرائيل على الولايات المتحدة تحت ستار عملية السلام".
وقال الرئيس الفلسطيني في خطاب تلفزيوني بعد القرار مباشرة "أن إعلان ترامب عن عزمه نقل السفارة ينهي دور واشنطن الذي امتد لعقود كوسيط في مباحثات السلام مع إسرائيل، وستعقد منظمة التحرير الفلسطينية اجتماعًا عاجلًا لبحث آخر التطورات والنظر في الرد المناسب على القرار.
إثارة غضب وفوضى عالمية ومحلية
في سياقٍ متصل عقد مجلس الأمن اجتماعًا طارئًا لبحث تلك الأزمة، وذلك استجابةً لطلب "ثمانية أعضاء" من فرنسا وبوليفيا ومصر وإيطاليا والسنغال والسويد وبريطانيا وأوروجواي ؛ قدّموا جميعًا طلباتهم للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش "لتقديم إفادة علنية أمام مجلس الأمن" على حد قول رويترز.
من جانبه قال جوتيريش "تحدثت بشكل مستمر ضد أي إجراءات أحادية الجانب تعرض للخطر فرص السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين"، وهو ما يوضّح رفض الأمم المتحدة نفسها للقرار.
بالإضافة لكل ذلك ندّد عدد من قادة العالم اعتراف الولايات المتحدة بالقدس كعاصمة لإسرائيل ووصفوه بأنه "إجراء مثير للاضطرابات في منطقة ملتهبة" وفقًا لوكالة رويترز.
الأمر الذي يوضّح بعض الإعتراضات في الشارع العربي؛ ما حدث في غزة من تجمعات لعدد كبير منهم احتجاجًا على القرار، ما أدّى إلى حرق العلمين الإسرائيلي والأمريكي كما أعلنت وكالة أسوشيتد برس، أيضًا شهدت العاصمة الأردنية عمان مظاهرات تعترض على القرار، في حين تجمع مئات من المحتجين الأتراك خارج القنصلية الأمريكية بإسطنبول، وفي مصر أيضًا حيث وصدرت بيانات إدانة وشجب من كل من الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب كما رفضت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وبعض أعضاء بمجلس النواب وكذلك الأحزاب السياسية المصرية باختلاف توجهاتها.
على ما يبدو أن القرار الذي تحدّى به ترامب ربما رؤساء ومسئولي العالم في الداخل والخارج ستتحمّل تبعاته أمريكا على مدار وقتٍ طويل.






تعليقات