إبراهيم رئيسي.. هل يخلف خامنئي لعرش إيران؟
- Hossam Elkholy
- 21 يونيو 2018
- 4 دقائق قراءة

"ألترا صوت" تقدّم رجل الدين الإيراني "إبراهيم رئيسي" لقائمة المترشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية في السادس من أبريل نيسان 2017 مع عدد من المرشحين الذين تم الموافقة على صلاحية رئاستهم من قِبل مجلس صيانة الدستور، وتبدأ الدعاية الإنتخابية للمرشحين من نهار الجمعة هذه حتى التصويت عليها في 19 آيار مايو من العام الجاري وسط تخبط كبير تشهده السياسة الخارجية والداخلية.
ومنذ عام 2014 بالتزامن مع تدهور الحالة الصحية للإمام "آية الله خامنئي" كان السؤال الأبرز حينها ويحتاج للإجابة في إيران هو من سيخلف الإمام الخميني؟ ثمة عدد لا بأس به بدأ يتصدّر المشهد الإيراني بشكلٍ نسبي، كمرشحين محتملين لخلافة خامنئي، من مختلف التيارات الإيرانية سواء إصلاحيين أو المحافظين بتحالفاتهم المختلفة في داخل النظام نفسه، كان أهمهم نجل المرشد الحالي ورجل الاقتصاد المعروف "مجتبى خامنئي" الذي يتم إعداده لخلافة والده.
أيضًا كان معهم الرجل الأهم داخل النظام الإيراني قبل وفاته العام الماضي "هاشمي رفسنجاني" والرئيس الأسبق للسلطة القضائية "آية الله هاشمي شاهرودي" والرئيس الحالي للسلطة القضائية "صادق لاريجاني" ورجل الدين الطامح "آية الله جوادي آملي" ورجل الدين القوي المقرب من المرشد وعضو مجلس الخبراء "وآية الله محمد تقي مصباح يزدي" ، ورجل الدين المتشدد "أحمد جنتي" الذي تخشى مؤسسات الدولة أن يؤدي تنصيبه إلى تدهور العلاقات مع الخارج، وأخيرًا الرجل الذي تصدّر المشهد وأصبح الأهم دون منازع "إبراهيم رئيسي".
إبراهيم رئيسي، 56 عام، ولد في يونيو حزيران 1960 لعائلة متدينة غرب طهران، وحصل على شهادة دكتوراه في الفقه والحقوق من جامعة "شهيد مطهري". وشغل منصب المدعي العام للمدينة في عام 1980 عندما كان عمره 20 عامًا، وبعد 5 سنوات تولّى منصب نائب المدعي العام في العاصمة الإيرانية طهران، ومدير مكتب التحقيقات العام، وفي عام 1988 كان المدّعي الرئيسي بالمحكمة الخاصة برجال الدين المنوط بها تأديب "الملالي" الذين يحيدون عن النظام الرسمي، وكان ضمن أربعة قضاة في ما يعرف بـ"لجنة الموت" التي أشرفت على المجزرة التي أعدم فيها آلاف السجناء السياسيين بتهم مختلفة وصفها المعارضون آنذام "بالملفقة".
كلفه مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله الخميني بالحكم في المشاكل القضائية للعديد من المدن الإيرانية مثل "لرستان وكرمانشاه وسمنان" بالإضافة إلى إدارة العديد من الملفات القضائية. بالإضافة إلى مهمته الأهم باعتباره المسئول عن منظمة (آستان قدس رضوي) المعنية بأقدس الأضرحة الإيرانية مرقد الإمام الثامن علي بن موسى الرضا في مدينة مشهد التي تستقبل من خلاله حوالي 30 مليون حاج شيعي في العام.
أي إن رئيسي حاليا ثلاثة مناصب جميعها بأمر مباشر من خامنئي؛ سواء عضويته في مجلس الخبراء، ونائب عام بمحكمة رجال الدين الخاصة، و"سادن العتبة الرضوي" التي تمثّل 20% من الاقتصاد غير النفطي لإيران. بالتالي ذاع صيته في الفتره الأخيره كأهم المرشحين بالنسبة للخميني رغم صغر سنه بالنسبة لمنافسيه.
وعُين رئيسي في منصب المدعي العام بطهران بأمر من رئيس السلطة القضائية "آية الله يزدي" ، وبقي في هذا المنصب منذ عام 1989 حتى عام 1994، ثم أسند إليه منصب رئيس دائرة التفتيش العامة في إيران، واستمر في هذه المهمة حتى عام 2004. ثم عين في منصب المساعد الأول لرئيس السلطة القضاية بين 2004 و2014 وفي عام 2014 عُين مدعيا عاما في إيران. أيضًا بأمر مباشر من آية الله خامنئي.
إذن هناك ثمة صفات جوهرية تجمع خامنئي برجله الأول في معركة الرئاسة، بداية من العمامة السوداء التي تمثّل انتسابهما للنبي كما يدّعوا، وانحدارهم من نفس المدينة الإيرانية "مشهد". بالتالي نفس الهوية والمرجعية الدينية والرؤية الاقتصادية المخالفة لنظام الرئيس الحالي "حسن روحاني".
ويملك المرشد الأعلى لإيران "آية الله خامنئي" أقوى نفوذ سياسي على الإطلاق في إيران، حيث تشمل صلاحياته تعيين رؤساء الجهاز القضائي والجيش ووسائل الإعلام الرئيسية، بالإضافة إلى أولوية موافقته على صلاحية رئيس الجمهورية المنتخب لتسلّم مهام عمله.
خصوصًا إنه لأول مرة في إيران، يتمكن مرشح من الفوز في الانتخابات التمهيدية التي تُنظم داخل المعسكر المحافظ، بأكبر عدد من الأصوات. وقد تفوق رئيسي على عمدة طهران، محمد باقر قاليباف، الذي خسر سابقا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. ويرجع المحللون هذا الأمر إلى أن "رئيسي" من المرجح أن يساهم في توحيد صفوف معسكر المحافظين الذي شهد العديد من الإنقسامات، بعد فترة رئاسة "محمود أحمدي نجاد" التي إتسمت بانتشار القمع والعنف وحدوث كارثة اقتصادية في البلاد بحسب آراء الباحثين.
بحسب ما تناقلته وكالات الأنباء الإيرانية "ظهر في صيف عام 2016 تسجيل صوتي يعود إلى 28 عاما لاجتماع بين آية الله حسين علي منتظري، وهو من مؤسسي الثورة وأصبح نائبا للمرشد الأعلى، ومسؤولين قضائيين -من بينهم رئيسي- مكلفين بعمليات إعدام نُفذت في 1988 بحق سجناء سياسيين. وفي التسجيل قال منتظري، الذي أصبح لاحقا أكثر دعاة الإصلاح تأثيرا في إيران، إن عمليات الإعدام شملت نساء حوامل وفتيات" ومثلت تلك الحادثة أكبر الجرائم التي تم إرتكابها في الجمهورية الإسلامية إيران. وأُلقي القبض على ابن منتظري وحكم عليه بالسجن لإذاعته هذا التسجيل، ووافق إبراهيم رئيسي على ذلك.
في المقابل تنص المادة الخامسة من الدستور الإيراني على أن منصب المرشد يتولاه من يحمل صفات الفقيه العادل، المتقي، العالم بأمور زمانه، الشجاع، الكفوء في الإدارة والتدبير والرؤية السياسية والاجتماعية الصحيحة، ويقول رئيسي إن الخطوة الأولى لحل المشكلات الاقتصادية الإيرانية هي تغيير القيادة، وطالب الناخبين بأن يدعموا حكومة تتسم "بالكفاءة والمعرفة" كما ينص الدستور لكن تحت قيادته العادلة كما يقول.
الجدير بالذكر إنه ليس من النادر تولي رجال الدين الإيرانيين مهام سياسية عليا، لكن قليلين هم الذين يستمع الحرس الثوري، إلى نصائحهم. ويعد رئيسي واحدا منهم. حيث زارته القيادة العليا للحرس الثوري من أجل الاستماع إلى وجهة نظره حول الوضع في سوريا والعراق ولبنان.
أيضًا تناقلت أحاديث منذ أيلول سبتمبر عانم 2016 بدأ رئيسي بتقديم دروس فقه الخارج في مقر العتبة الرضوية؛ الأمر الذي لا يتمتع به أي بحق تدريس هذه العلوم إلّا آيات الله أو رجال الدين المعروفين سلفًا.
يمكننا أن نعتبر هذا اعتراف ضمني بأن رئيسي أصبح مثل معلميه ورجال الدين الراسخين في إيران، وهو ما يخول له أن يصبح المرشد الأعلى الإيراني المقبل، بالتالي فهو يحظى بتأييد تام من خامنئي والحرس الثوري وأرضية شعبية لا بأس، كل ذلك يضعه في مكانه لا بأس بها ليخوض بها تلك الإنتخابات خصوصًا بعد استبعاد أحد أهم المنافسين له "محمود أحمدي نجاد" الذي لم يتم حسم ردوده فعله نتيجة ذلك حتى الآن، والتي يمكن أن تسبب إضطرابات عديدة داخل المشهد الإيراني.
Comentários