top of page

aboutMe

Egyptian writer and photographer, graduated from the Faculty of Media and Communication Arts, Radio and Television Department, interested in writing in philosophy, literature and film criticism.

التوك توك الذي تُحتمل خفّته

  • صورة الكاتب: Hossam Elkholy
    Hossam Elkholy
  • 21 يونيو 2018
  • 4 دقائق قراءة

تاريخ التحديث: 24 يونيو 2018





"ألترا صوت" بدأت القصة عندما انسحبت الدولة أو كادت تنسحب ببطيء من تقديمها للخدمة الرئيسية لذوي الدخل المنخفض والمتوسط، أو من يفقدوا القدرة على أن يملكوا سيارة خاصة تنقلهم لأشغالهم؛ وهي هيئة النقل العام‏ التي كانت تتكفّل بتقديم خدمات التوصيل لغالبية الأحياء المصرية على مدار اليوم بأرخص الأسعار، انخفض معدل تواجدها اليومي وضعفت كفاءتها،‏ بالتالي أحدث ذلك فراغًا كبيرًا ملأته نسبيًا سيارات "الميكروباص‏" التابع للشركات الخاصة وليس للحكومة، لكنّه‏ أيضًا مع مرور الوقت وتكديس الشوارع والأحياء وازدحامها إلى جانب ضيقها الطبيعي، أصبح لا يقدّم حلًا،‏ حيث شهدت شبكة الطرق والكباري كثير من المآسي والحوداث التي تدل على العديد من المشاكل في العامل البشري والمادي.


مع بداية التسعينات ظهر في الهند، ومع دخول الألفية الثالثة تحسست عجلاته الثلاث طريقها للقاهرة؛ "التوك توك" أو Auto Rickshaw بالإنجليزية، وسيلة نقل جديدة رخيصة السعر، عبارات رنّانه ومميزة تُكتب عليه من الخارج لتكوّن تعبير وهوية واضحة عن المالك الأساسي، كما تدل على شخصيته، ذو حجم ضئيل مقارنة بالوسائل الأخرى، وهو ما جعله يتخطّى عواقب الزحام وضيق الشوارع الجانبية التي كانت تواجه وسائل النقل الأخرى بشكلٍ كبير، بعد وقتٍ قليل أصبح لا تخلو حارة أو شارع جانبي في مصر منه، وهو إلى الآن الوسيلة الأكثر انتشارًا في العشوائيات والقرى الصغيرة.


ومنذ فترة المخلوع حسني مبارك التي دخل فيها وصولًا إلى الرئيس الحالي لم يختلف أحد من الرؤساء على الاحتياج للتوك توك كوسيلة مواصلات سريعة ورخيصة الثمن تناسب محدودي الدخل فهي "تاكسي الفقراء" كما يسمّيها البعض، في حين أفرد لها الرئيس المعزول محمد مرسى خلال الدعايا الإتخابية وخطاب فوزه مساحة واهتمام مخصوصة لسائقى التوك توك.


رغم انتشار "التوك توك" في أنحاء إلّا أن هناك عدد قليل من رجال الأعمال هم من يسيطروا على عملية استيراده وتجميعه في مصر، حيث تستحوذ شركة مجموعة غبور وكيل شركة(Bajaj) الهندية في مصر على حوالي 90% من حجم سوق التوك توك، كما يعد مالك توكيل "سوزوكي"، أيضًا صاحب الشركة المصرية للصناعات الهندسية ومجموعة "سعودي"؛ هو ثاني المستفيدين والمستوردين في مصر بعد رجل الأعمال رؤوف غبّور، ثم بعض المستثمرين الصغار ورجال الأعمال المحليين الذين يمثّلوا نسبة الـ10% المتبقية، بالتالي يتحكم عدد قليل من رجال الأعمال الكبار في سوق إستيراد التوك توك في مصر، بالتالي يرتبط سعر شراءه الذي يزيد بين يوم وآخر بحسب هؤلاء.


على الجانب الآخر أوجد "التوك توك" أزمة أكبر بدخولة إلى الشوارع، ولم تمضِ فترة كبيرة من الوقت إلا واجهنا أخبارًا عن الشارع المصري من سرقة ونصب كان يتم الترتيب لها مسبقًا عبر ذلك المركبة الصغيرة ذات العجلات الثلاث، وذلك بالإضافة إلى أن سائقيه أفسدوا الهدف الرئيسي من تواجده كوسيلة متخصصة للشوارع الجانبية وزاحموا الشوارع الرئيسية أيضًا، بالتالي ضاعفوا حالة الزحام في بعض المناطق، الأمر الذي جعل المسئولين في بعض الأماكن يحظروا تواجده تمامًا، ودفع مثلًا محافظ الجيزة اللواء كمال الدالي يأمر بحظر سير التوك في منطقة أكتوبر، بجانب حذره قديمًا في مناطق كمدينة العبور والقاهرة الجديدة وغيرها. لكنه "التوك توك" كان قد فرض نفسه بالفعل وهو ما صعّب من تنفيذ القرارعلى أرض الواقع، زحف بالفعل ليدخل إلى مدن مصر مثل مدينة 6 أكتوبر ذاهتها، وجرت مشاورات مع بداية 2017 عن بدء السعي في إجراءات دخول التوك توك للمدينة لتقليل الإزدحام المروري بينما يحظر عليه السير في الشوارع الرئيسية.


ويأتي قرار محافظ الجيزة غير المنطقي إلى جانب قرار رئيس الوزراء الأسبق حازم الببلاوى، حيث أصدر فى ديسمبر كانون الأوّل في عام 2014 تكليفه لوزارة المالية بحظر استيراد التوك توك والدراجات البخارية لمدة عام، في حين أن كثيرين داخل الحكومة وفي الشارع المصري كانوا على علم كبير بمحدودية تطبيق ذلك القرار، نظرًا لما أصبح يمثّله التوك توك من أهمية. لذلك فالحكومات التي جاءت بعد "الببلاوي" كانت ترى أن وقف إستيراده ليس حلًا جيدًا للأزمة.


أصدر محافظ القاهرة جلال مصطفى سعيد في عهد حكومة إبراهيم محلب قرار جماعي بعد مشاورات مع رئيس الوزراء حول سير التوك توك عمومًا؛ بحظر سير التوك توك نهائيًا بشوارع وسط القاهرة وثماني أحياء أخرى، كمرحلة أولى، وتغريم من يخالف هذا القرار 1500 جنيه، نظرًا لإنتشار الحوادث المرورية التي كان يسببها، بينما أعلن وزير التنمية المحلية أحمد ذكي بدر، خلال اجتماع المحافظين في حكومة رئيس الوزراء الأسبق شريف إسماعيل، عن بدء الإجراءات المطلوبة لوضع آلية موحدة لتسهيل ترخيص مركبات التوك توك وخطوط السير، والالتزام بقانون المرور وإصدار الترخيص اللازم له، وتحديد خطوط سير له خارج عواصم المحافظات، وهو أيضًا ما فعلته الحكومة الحالية.


وتنص مواد الدستور المعدّلة في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي وفي المواد التي تتعلق بسير وترخيص العربات الصغيرة والدرجات النارية، في مصر، وما يخص "التوك توك" بالتحديد على ترخيص وتوفيق الأوضاع للتوك توك وصدور الترخيص له، وتقديم المستندات الدالة على كل من الملكية فاتورة الشراء معتمدة من جهه المرور التابع لها التاجر المعتمد فى بيع هذه الركبات بختم شعار الجمهورية، والإفراج الجمركى الخاص بالمركبة، ومبلغ 107 جنيهات كتأمين إجبارى على المركبة، ونماذج الترخيص ويتم الحصول عليها من جهة المرور الترخيصية، ونموذج الفحص الفنى والبيئى ويتم الحصول عليه من المرور، وما يفيد سداد الضرائب المستحقة على المركبة، وما يفيد سداد التأمينات على السائق وصورة بطاقة الرقم القومى لمالك المركبة لوضع نمر للمركبة، وتحديد عمر فوق الـ 21 عامًا على الأٌقل لأي سائق.


يقول "محمد" سائق توك توك (33 عام) خلال حديثه لألترا صوت أن بعض مواد القانون مثل تحديد سن معين للسائقين أمر جيد، كما إنه يتمنّى عمومًا إستخراج ترخيص حكومي لعربته حتى يجعلها مؤمّنة في حال حدوث أي مشكلة أمنية، لكن الأمور معقدة كثيرًا بالنسبة إلى المبالغ التي ينبغي دفعها للحكومة لعمل الترخيص، حيث يجب دفع حوالي 1800 جنيه، وحوالي 500 جنيه مع كل تجديد، وهو ما يدفع محمد إلى الامتناع عن عمل تلك التراخيص التي تستنفذ ما يجنيه من أموال على مدار الشهر. يجني محمد لأسرته المكونة من 4 أفراد صافي ربح 50 جنيه مصري (حوالي دولارين ونصف) خلال يومه، ما يجعل طلبات الحكومة حِمل على كاهله خصوصًا أنه إلى جانب سائقين آخرين تحدثنا إليهم اشتروا "التوك توك" بالتقسيط بهدف زيادة دخله وفتح مشروعه المستقل نظرًا للوضع الاقتصادي المتدنّي الذي يجعل من الوظيفة الجيدة سراب.


الجدير بالذكر إنه خلال الـ6 سنوات السابقة، بعد الثورة مباشرة زادت أسعار التوك توك من متوسط 16 – 18 ألف جنيه إلى متوسط 36 – 40 ألف جنية نظرًا للإقبال عليه، بينما يصل إلى حوالي 50 ألف جنية أو أكثر في حالة شراءه بالتقسيط.


باتت مصر أو "جمهورية التوك توك" كما يحب أن يسميها البعض، لا تملك قرار حظر التوك توك، ولا تريد أن تستفيد كحكومة من إستيراده بدلًا من سطوة رجال الأعمال عليها، وهو ما يمكن أن يوفّر أموال كثيرة، لكن الدولة لا زالت تصر على جني هذه الأموال من السائقين الفقراء الذين ربما لا يملكوا إلّا قوت يومهم فقط.

 
 
 

Comments


bottom of page