top of page

aboutMe

Egyptian writer and photographer, graduated from the Faculty of Media and Communication Arts, Radio and Television Department, interested in writing in philosophy, literature and film criticism.

"المكشوف والمحجوب".. التاريخ كصراع بين العري والاحتشام

  • صورة الكاتب: Hossam Elkholy
    Hossam Elkholy
  • 21 يونيو 2018
  • 4 دقيقة قراءة


ree

"ألترا صوت" كم من الوقت مضى من عمرك حتى الآن فقط وأنت تفكر أي الملابس سترتدي غدًا؟ ولماذا ترتديه بالتحديد دون غيره؟ هل فكرت في الفئة التي تشاركك هويتك وذوقك في الملبس؟ لماذا ترتدي أختك/زوجتك/أمك الحجاب بينما على مقربة منهم ترتدي صديقاتك تنورات وفساتين قصيرة تظهر أجزاء من جسدها؟ كل تلك الأسئلة وغيرها كانت حاضرة بقوة لدى الكاتبة الأكاديمية الهولندية مينيكه شيبر خلال كتابها المترجم للعربية تحت عنوان "المكشوف والمحجوب.. من خيط بسيط إلى بدلة بثلاث قطع"، والذي يقدّم دراسة ثقافية شيقة تجمع بين دراسة المجتمعات المختلفة والتاريخ والأدب والأديان المقارنة "في رحلة تتبع نظرة الإنسان لجسده وإحساسه بالخزي أو الإعتيادية لعُريه".


كما يتعرض الكتاب لبداية ظهور فكرة الملابس كغطاء منذ كانت مجرد خيط بسيط وصغير يغطي أجزاء صغيرة "وحساسة" للجسد إلى تحولها لمجال "صراع" بين شركات الملابس والموضة وهوية طبقة أو مجتمع أو حتى إلتزمًا لقواعد دينية وشخصية لمجموعات صغيرة كانت أو كبيرة، أي بين السياسة والاقتصاد والأعراف والتقاليد والأمثال الشعبية والخرافات وتحكمات الدين، كان السؤال الأساسي للكتاب الذي ترجمه الروائي والشاعر عبد الرحيم يوسف عن دار صفصافة للنشر واضحًا وصريحًا؛ "كيف ولماذا نغطّي أنفسنا؟ وإلى أي حد يتعرض جسدي للسخرية إذا مشيت به عاريًا أو بملابس تخص هوية معينة؟

"يثير جسدنا المشاعر سواء كان عاريًا أو مغطّى".


يصرح المترجم بذلك صراحة خلال مقدمته للكتاب الذي نسير معه عبر تسعة فصول كاملة للحديث عن تاريخ العري والمظهر البشري وآثاره ونتائجه خصوصًا على من يخالفوننا في المظهر الخارجي، باعتبار أن ما لا يعتاده الناس من أشياء يثير استياءهم في الغالب. وبالرغم من أن ذلك الأمر يخص الرجال والنساء إلى أنه تزيد حدته عند النساء بشكلٍ كبير نظرًا لـ"ديكتاتورية المعلنين ورجال التلفزيون الذين يجعلوا النساء يفرغن أجسادهن في جميع وسائل الإعلام"، في حين ينتهج رجال الدين منهج مناقض تمامًا بتغطية جسدها بشكل شبه كامل. والإشارة أيضًا إلى التحكمات التي جعلت المرأة تحت سطوة الرجل على مدار فترات كبيرة من التاريخ بحجج مختلفة تفيد في النهاية بأن "الرجل الذي يكسو المرأة من حقه أن يُعرّيها" وغيرها من الأمثال التي تعاملت معها ومع اعتمادها الاقتصادي على الرجل بإعتبارها مخلوق أدنى؛ لتقف المرأة "مجبرة" على الأغلب في الحالتين وربما يجبر الرجل أيضًا ولو بدرجة أقل، إلى أن الجميع في الغالب يتأثر بشكل أكبر -وهو ما لا يلتفت إليه كثيرين- بتلك المرجعية الثقافية والمجتمعية التي يأتي منها الفرد منّا بشكل قد يتساوى مع "الضغوطات" التي تأمره بها معتقداته حتى إن كانت (على غير رغبته).



"منذ أن أكل آدم وحواء الفاكهة المحرمة في الجنة قبل عصيانهما كان أوّل بشريين يمرحان في الجنة عاريين في العادة خاليين من الهموم لكن بعد مخالفتهما لأمر الله انتهت براءتهما فجأة تقول القصص أنه في هذه اللحظة ولد الخجل متضمنًا الوعي بأنه يجب تغطية العري، وهي فكرة تجذرت بعمق في التراث الغربي وفي كثير من الثقافات الأخرى"، وبجانب البعد الديني الذي يعرضه الكتاب كتبت بعض الأبحاث التي تفيد بأن إرتداءنا للملابس قد يعود إلى 500,000 عام للوراء، كانت مصنوعة من أوراق الأشجار وجلود البهائم، لكن يظل السؤال: هل لجأ الإنسان للملابس لحماية نفسه من البرد فقط أم أن هناك أسباب أكثر تأثيرًا؟


أما التأثير الكبير على نوعية ما نلبس بدأ باليهودية التي ربطت بين العري والفقر حيث أن كلاهما يدعو للخزي، والتي اهتمت -على سبيل المثال- بإرتداء النساء أغطية للرأس، وكانت المرأة حاسرة الرأس بمثابة عاهرة وغيرها من تحكمات الملبس، ثم عن طريق ضغط المسيحيين وبعدهم المسلمين بعادات لبس أكثر تحكمًا "واحتشامًا للجسد يقابل ذلك آراء تعتقد أن الملابس "تزيد من الفضول تجاه كل ما يقع مختبئًا تحتها أكثر من العري الظاهر إلى جانب تحكمات فرض الحجاب من عدمه، لا يزال الوضع في البلاد العربية على وجه التحديد والغرب عموما مهموما بقضية الملبس حتى لو اتضح غير ذلك لكن الأديان ربما إتفقت على تحجيم المرأة في العموم "لينقذوا الرجال من أنفسهم"، ربما لأسباب مشابهة تنتشر فرضيات تبرج المرأة بالكوارث والمصائب العامة كفرضية "يستمر الغلاء إذا لم تتحجب النساء" وغيرها.


كل ذلك جزء من قصة انشغال الناس بالجسد العاري والأسئلة المستمرة والتعريفات المختلفة للعري ربما تجعلنا نقدم على تغطية بعض الأماكن من عدمها لم تكن كلمتي "عاري" "مستور"، كلمات لا تملك المعنى الكافي إلّا عندما يمتلك الناس ثيابًا في البداية، حيث "لا تجذب أذرعة أو نهود النساء العارية أي إنتباه خاص لهؤلاء المعتادين عليها، لكن رؤية هذه الأجزاء من الجسد تزعج شخص تربى على أنها مغطاة"، حيث إنه من بداية طفولتنا قد يؤثر مدرسينا وأصدقاءنا على اختيارنا وأذواقنا ونوعية ملابسنا حتى مراحل متقدمة في حياتنا أو ربما دائمًا.


تتطور سرديات الكتاب لعرض نماذج مختلفة من العالم منذ بداية التعرف على الملابس إلى اعتبارها شيء لا بد منه، فمثلًا في منطقة بأمريكا "ييأس الأب الورع جوميلا عندما يرى أهله يلقون كل الأقمشة التي وزعها عليهم لتجعلهم (محتشمين) بدلًا من سيرهم عراة في النهر"، كانت الثقافة السائدة آنذاك تعتبر إنه من البطولة والفخر سيّر المرء عاريًا، كما يعرض تاريخ الحمامات العامة فى الصين واليابان التي ترجع لوازع ديني يعتقد بأن "خالقهم الأصلي ولد في البحر"؛ تستخدم هذه الشعوب الحمامات الشعبية المختلطة، كطقس يومى، ويكشف أن الإنجليز لم يكونوا قد عرفوا الاستحمام إلا على يد الرومان الذين كانوا يرفهوا عن ضيوفهم بالعري.


إشارات عديدة ونقاط تصلح لأبحاث أكثر تأصيلًا وبحثًا تسردها الكاتبة، من تحولات وارتباط العري بجانب "الإستحمام" الذي ارتبط بدوره بكوننا نسعى للتطهر والخلاص من الذنوب وهو الحالة المحببة للعري والتجرد من الملابس ونوعية ملابسنا وصولًا لنقطة على قدر من الأهمية في أثناء الثورة الفرنسية، تلك الفترة التي تنازل خلالها "الرجال" بطيب خاطر عن "حقهم في كل أشكال الزينة الأزهى والملابس الأكثر بهجة وتفصيلًا وتنوع تاركين ذلك للنساء، ليصبح الجمال مرتبط بشكل أساسي بالنساء"، قبل أن يكون من حق الرجال وضع الزينة والإهتمام بها مثل النساء دون أي تعليق أو سخرية لكن بالفعل "تضحّي" النساء أيضًا ولا يبالين بالجمال الذكوري؟ أسئلة كثيرة تتركها الكاتبة لقناعات القاريء الشخصية رغم الإحساس الشخصي بميلها لنبذ كل أنواع السيطرة أيًا كان نوعها.

 
 
 

تعليقات


bottom of page