top of page

aboutMe

Egyptian writer and photographer, graduated from the Faculty of Media and Communication Arts, Radio and Television Department, interested in writing in philosophy, literature and film criticism.

تاريخ موجز لنضال الحركة العُمالية المِصرية ونِقاباتها

  • صورة الكاتب: Hossam Elkholy
    Hossam Elkholy
  • 21 يونيو 2018
  • 9 دقائق قراءة



"ألترا صوت" تنتمي الطبقة العاملة المِصرية إلى أكثر الطبقات فقرًا وأقلها تعليمًا، فالذين منهم في مُقتبل الحياة لم يتلقوا أي تعليم عام، ولم يتوفر فيهم إلا قدر ضئيل من التعليم المهني، إن احتياجات هؤلاء العُمال ضئيلة ونفقاتهم المعيشية متدنية وهم لا يتمردون إلا إذا ضاقت بهم أشكال الإذلال الرخيصة، وإن سعادتهم النفسية تأتي غالبًا من قدريتّهم وجهلهم بما يفعله عُمال الدول أخرى، فالإضطرابات التي ثارت في السنتين الماضيتين من أجل الراحة الأسبوعية لم تكن من فعلهم، بل كانت في غالبها من فعل العُمال الأجانب، وكل ما قام به العُمال المِصريون هو الإنضمام إلى هذه الحركة.


*جزء من رسالة دكتوراه عام 1911 عن أوضاع العمال في القاهره للمُحامي الأجنبي جان فاليه.



»الكارخانة« أو ذلك المكان الذي يعتبره الكثيريين ملاذًا آمنًا للعديد من الجرائم الأخلاقية؛ حيث ممارسة الدعارة وتعاطي المخدرات. ذلك الموقع المهجور المُنعزل وملجأ اللصوص من البشر. لكن ما يغيب عن هؤلاء إن هذه الأماكن باتت هكذا جراء تشرّد العُمال المِصريين -الصنايعية- الذين كانوا أصحابِها الأوائل قبل أن تغلق. انتهت فاعلية تلك الأماكن بإغلاق المصانع والترسانات قبيل تولّي محمد علي زمام الأمور، مما أدى أيضًا لتفشّي البطالة بين هؤلاء الصنايعية، واضطروا للعمل في مزارع رجال الدولة أو كعمال وفنيين لتصليح الآلات الحديثة، وفتح بعض الورش والدكاكين الصغيرة.


يُمكننا من هنا تحديدًا أن نرى تحوّل مِصر لدولة منتجة ومُصدرة، وأن نُجزم على رأسمالية الاقتصاد المصري بشكل واضح؛ كان ذلك مع بداية فترة حُكم محمد علي وعائلته. تلك العائلة التي جعلت تجنيد العُمَال للمشروعات بالسُخرة وإجباريًا من دون حقوق. كان أجبار الخديوي إسماعيل مائة فلاح وعامل على العمل بالسخرة لمدة ستة سنوات متواصة للانتهاء من ترعة الإسماعيلية مثال واضح لما نقول، أيضًا انشغلوا أكثر بالاستثمار الأجنبي الذي رفَع مُعدل التضخُم آنذاك؛ مما أدى لأول إفلاس تشهده الدولة المصرية في تاريخها 1876 واحتلال البلاد بعد ذلك.


بالتالي كان هناك تناقض ملحوظ بين مكانة الطبقة العاملة الإنتاجية التي تأتي في صدارة المُجتمع ومكانتها الإجتماعية التي تأتي في قاع المجتمع ذاته، وذلك نتيجة وجود ثلاثة قوى أساسية تُحكم الأمور لصالحها «بالقوة». تتمثل هذه القوى في الإقطاعيين، وبقايا المماليك والأتراك والشراكسة وقليل من المصريين، وأخيرًا قوى رأس المال الأجنبي، التي تُسخر جزء من أموالها في إنتاج بيروقراطية من الحكام وكبار الموظفين بالدولة لا يتم تعيديهم بأي شكل.


بمرور الأيام ازداد الوضع سوءًا بالنسبة للعمال ففي الفترة بين 1907_1882حيث تضاعفت أسعار الغذاء مع ثبات الأجور، أدى ذلك إلى اعتراض عمال الترام وعمال الورش بكلِ فئاتهم في 1909 وقاموا بعمل إضراب مفتوح بعد تشكيل كُلٍ منهم لنقابته الخاصة. أيضًا امتنع عمال الأفران العالية عن صرف مُرتباتِهم لِمُدة ثلاثة أيام مُتتالية بسبب إصرار الإدارة على خفض الحافز من 68% إلى 65%، مما أدى لتراجع الإدراة عن تنفيذ ذلك القرار.


أُصدرت الحكومة المصرية آنذاك ما يسمى بقانون التشرد الذي يقضي بالقبض على كُلِ من ليس له محل إقامة ثابت أو وسيلة للكسب. بالتاليكانت ترغب في تهديد العمال الذين قد يتم فصلهم لمشاركتهم في الإضراب.


إجمالًا؛ كانت علاقات العمل تأخذ شكليين رئيسيين، علاقات تأخذ أشكال السُخرة والعمل الإكراهي (لائحة العونة وحفر قناة السويس)، وأخرى رأسمالية حرة وعمل مأجور مع ضمان نسبي للحرية الشخصية والنقابية رغم واحدية المصدر للعلاقتان.


لم يهدأ العُمال عند ذلك، ومع مرور أقل من عامين طالب العُمال ببعض المطالب التي لم تُنفذ إلا بإعتصامهم مرة أخرى حيث كانت مطالبهم: أجازة مرضية بأجرِ كامل، التثبيت بعد شهر من الاختبار، إلغاء الجزاءات تمامًا، مكافأة شهر عن كل سنة في حال الفصل، وبالطبع إلغاء العمل بالسُخرة الذي راح ضحيته كثيريين.


الفترة التي سبقت ثورة 1919 كانت بمثابة إرهاصًا واضح لإنتاج عُمال مُناضلين ورافضين لهذه الأوضاع أمثال عبدالله النديم وغيره. ووجد الدافع الديني لدى العُمال بعد فتوى الشيخ محمد عبده بشرعية الإضراب العُمالي بالتزامن مع ظهور العديد من النقابات أشهرها نقابة «الصنائع اليدوية» التي دخل في رحابها العديد من العمال.


وأخدت هذه الفئة تتأقلم مصريين وأجانب مع واقعها الجديد إلى أن كان مولدها الحقيقي فترة الحرب العالمية الأولى مع فرض قانون الاجتماعات (التجمهر) الذي حرَم اجتماع أكثر من خمسة أشخاص وأعُلنت الأحكام العرفية؛ مما جعل العُمال يلتفوا حول مجموعة مطالب أولها اعتراف الحكومة بتلك النقابة بالإضافة إلى زيادة الأجور، تخفيض ساعات العمل، مقاومة الفصل التعسفي، الحق في الحصول على إجازة مدفوعة الأجر والحد من العقوبات وتحسين معاملة الملاحظين لهم.


السماء تُمطر نِقابات!

"كان الإضراب في قناة السويس في مايو ويونيو بشيرًا بحدوث انفجار آخر للنزاع الصناعي في الصيف. والحق أنه من الممكن ألا يكون لهذا الانفجار في مصر بعد وطني، ولكن بعده الطبقي كان أشد أهمية وظهورا مما اتصف به أي انتفاض سابق للحركة العمالية المصرية. وإذا كان ربيع 1919 قد شهد ميلاد حركة عمالية في قلب الثورة الوطنية، فإن صيف نفس السنة شهد كيف أصبح للطبقة العاملة صوتها المتميز ووقفت تناضل من أجل مطالبها الخاصة بها".


جويل بينين وزكاري لوكمان أهم مؤرخي الحركة العمالية المصرية.



شهدت مصر أول عصيان عُمالي حقيقي وقت حفر قناة السويس؛ أكثر من 5000 عامل من جنود الجيش الذين انتهت مدة خدمتهم العسكرية رفضوا العمل، وعجز الضباط عن إرجاعهم وتركوا ما هم فيه ورحلوا.

جاءت الثورة الوطنية1919 لتَهُز الاحتلال، واستطاع العمال تنظيم أنفسهم بسرعة والقيام بالإضرابات المُتعددة، حتى وصل الأمر ذروته في أغسطس آب من نفس العام، وتكوين نقابات جديدة أولًا ومع نهاية عام 1919 كان عدد النقابات الموجودة 21 نقابة.


ما بين عامي 1921ـ 1922 وتزامنًا مع تأسيس اليهودي اليساري «روزنتال» للإتحاد العام لنقابات العمال؛ وقع ما يزيد عن 80 اضرابًا داخل 50 مؤسسة مختلفة، كما زاد عدد النقابات ليصل 38 نقابة في القاهرة، 33 في الإسكندرية، و 18 في مدن قناة السويس، وكانت أقوى النقابات هي التي شكلت في المرافق مثل شركة الترام والغاز والكهرباء والماء.


بعد سقوط وزارة سعد زعلول تأزم الوضع مرة أخرى وزاد القمع من قِبل الدولة وتوقف نشاط النقابات العُمالية حتى منتصف الثلاثينات، لكن ظهرت ثمة نقابات تُطالب الدولة بالاعتِراف بِهم.


نقابات عُمالية مُستقلة بالإضافة لمجموعة حقوق أخرى كان أهمها إعادة النظر في قانون إصابات العمل، تحديد ساعات العمل بثماني ساعات وحل مشكلة البطالة تمامًا. ولّد هذا الضغط اضطرار مجلس النواب للحديث عن الأمر حتى لو لم تصل إلى نتيجة؛ المكسب الأكبر كان في وضع المطالب على طاولة الحديث للمرة الأولى.


تمر الأيام، ومع أواخر الحرب العالمية الثانية بلغ عدد النقابات العُمالية في مصر 182 نقابة وصلت إلى 210 نقابة في عام 1944، برغم ذلك لم يستطع الشيوعيون الحصول على حقوق الطبقة العاملة بل تم سجنهم بعد تحريم الإضراب نهائيًا1952 وسيطرة الحكومة على النقابات بالقوة في ظل الصراع السياسي الدائر آنذاك.


رغم إن الحديث عن النقابات العُمالية في مصر ذو إرتباط وثيق بفترة عبدالناصر لما يُعتقد إنه قدمه للفئات المُختلفة من العمال إلا إن ذلك على عكس المُتوقع. وطدت تلك الفترة _بمفارقة غريبة_ بُعد النقابات والعمال عن حق الحفاظ على المكتسبات القديمة؛ حيث أُصدر قانون 1964 الذي جعل موافقة الاتحاد الاشتراكي التابع للدولة شرطًا أساسيًا لترشيح أي عامل لدرجة نقابية أعلى وتعليق معظم قرارات النقابة على موافقة الجهات الإدارية؛ بالتالي أصبحت عضوية النقابات واللجان إجبارية، وللدولة سلطة مطلقة في حل اللجان النقابية المصنعية حتى توقف النضال العُمالي تمامًا في فترة حُكم عبدالناصر، الرجُل الذي طالب طُوال الوقت بحقوق العُمال كان سببًا رئيسيًا في فقدان حقوقهم.



أهل البنوكا والأطيــــان ... صاروا على الأعيان أعيان

وابن البلد ماشي عريان ... ممعاه ولا حــــق الدخـــــان

وإن كُنت صانع متفنن ... قالوا أخينا دا اتجنـــن

وبعد ما كان بيدندن ... صبح يقول شغلي ألوان

شُرم بُرم حالي غلبان.


عبدالله النديم أو الشاعر المُناضل كما يناديه العُمال.


لم يتغير السادات كثيرًا عن تنفيذ بيروقراطية عبدالناصر في التعامل مع النقابات العُمالية، لكن بدأ التوتر بعد إضراب عمال شبرا الخيمة في مارس 1972 وبعدها أعلن ستة آلاف عامل من عمال الميناء بالإسكندرية إضرابهم احتجاجًا على امتناع الإدارة عن دفع الأجر الإضافي ولجأت السلطة السياسية إلى استخدام العنف بالقبض على أربعة من قادة الإضراب، فحاصر العمال المتظاهرون قسم البوليس وأخرجوا زملاءهم بالقوة ثم وافقت الإدارة والحكومة على مطالب العمال المضربين.


عرفت هذه الفترة بتأييد قيادات العُمال التام للدولة التي جاءت بهم بالإضافة لصك بعض القوانين التي تقضي على الحركة وتُعطي سلطات للرأسماليين لم تنتهي إلّا بمقتل السادات. لكن ربما يظل الحدث الأهم خلال فترة السادات هو تواجد «اليسار النِقابي» بالتحديد في شركات الحديد والصُلب الذي إهتم باستقلالية الحركات النِقابية عمومًا، فهذه الفترة شهدت حوادث تزوير شديدة لسحب الثقة من مُمثلي اليسار.


جاء مُبارَك مؤكِدًا على فلسفة السادات في التعامل مع العمال، واستكمل سياسات الانفتاح الذي بدأها ، حيث شجع على الاستثمار والتصدير؛ بالإضافة إلى أن فترة حُكمه شهدت أعلى معدلات الخصخصة _حتى الآن_ للمؤسسات المصرية والتي بدورها تضع السلطة والمال في أيدي قلة على حساب سُخرة وقمع العمال الذين لا ملجأ لهم، إلا إن عام1984 شهد مثلًأ تجميد الدولة للحد الأدنى للأجور عند 35 جنيهًا، وشهد أيضًا نقطة تحول أخرى في صراع العُمال مع الدولة المصرية؛ مع إضراب عُمال كفر الدوار الذي واجهته السلطة بقتل ثلاثة عُمال وإصابة الكثيرين في حالة استنكار من الجميع.


في أواخر سبتمبر 1988 خرج ألف عامل من شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى في مظاهرة طافت أرجاء المدينة وانضم إلى المظاهرة آلاف المواطني ورفع المتظاهرون شعارات تندد بحكم مبارك وتطالب بإلغاء قرار إلغاء منحة المدارس.


بإختصار شهد عصر مبارك حالة قمع ووحشية مُطلقة للعُمال ونقاباتهم نتيجة تطبيق سياساته الخاصة، وقد سهل من هذه المهمة تراجع تأثير اليسار _المُحرك الأساسي للعُمال_ وتفتته وافتقاده أي رؤية لطبيعة الصراع الدائر في المجتمع المصري وآفاقه. ذلك تحديدًا كان في 1995 العام الذي تم فيه تمرير قانون «يمنح حق الترشيح للنقابة العامة مباشرة دون المرور باللجنة النقابية بالمواقع أو الترشيح بها» حتى تستطيع الدولة تعيين ما تراه مناسبًا لها. وكذلك الاحتفاظ بعضويتهم النقابية حتى إذا ما وصلوا إلى منصب «مدير عام» ومدّت الدورة النقابية لتصبح لخمسة سنوات بدلًا من أربعة، وتركزت الحركة النقابية في 23 نقابة عامة فقط لتسهيل السيطرة عليهم!


ظهر أيضًا قانون العمل المُوحد الذي اشتركت في إعداد مشروعه جمعية رجال الأعمال وقيادات الاتحاد النقابي التابعة للدولة، وبالرغم من أن القانون لم يصدر بشكلٍ نهائي (كعادة الدولة) إلا أن العديد من بنوده الأساسية يتم تطبيقها تدريجيا في العديد من المنشآت، ذلك لما تضمنته نصوص القانون من تعسيف بمكتسبات العمال؛ فكانت اللوائح هي:


إطلاق حرية صاحب العمل في تعديل شروط عقد العمل وإنقاص أجر العامل، وللعامل أن يقبل أو يترك العمل.


حق صاحب العمل في إنهاء علاقة العمل إذا استند إلى مبرر مشروع.


إلغاء حق العامل في الإجازة المرضية بأجر.


زيادة التمييز ضد المرأة من خلال حرمانها من حق العمل مساءا إلا بقرار من وزير القوى العاملة.

إلغاء حق العمل نصف الوقت للمرأة.


تحديد إجازة الوضع للمرأة بمرتين فقط طوال مدة خدمتها بدلا من ثلاث مرات في التشريعات السابقة

حظر تشغيل النساء في أعمال معينة بدعوى أنها ضارة بهن صحيا أو أخلاقيًا.




إلى آخر هذه الشروط المجحفة التي وضعها رجال الأعمال لاستغلال هؤلاء العُمال بإستخدام مُبرِرات مثل أزمات السوق ونقص الموارد. وبعض من الحجج الفارغة لسرقة جهد هؤلاء بالقانون، ربما لن يقف ضد ذلك إلى رافعي شعار «ثمانِ ساعات عمل وبندقية» الذي استخدمه عُمال السوفييت عام 1905، الأمر الذي جعلهم يقفون أمام القوات المسلحة للروس آنذاك.


على ما يبدو إن المعرفة القوية بما يجب أن تفعله يجعلك تحدد أولوياتك بشكل صحيح، وهذا ما دفع عشرة آلاف من العمال في فبراير 2008 للحصول على الطلب الأهم في تاريخ الحركة العُمالية؛ 1200 جنيه حد أدنى للأجور لكل عامل في مصر، الذ جاء كمطلب حتمي بعد فشل المطالب الجزئية والتأكد أن تجمعهم هو الحل الأمثل؛ وهي أهم خطوات لأخذ حقوق العاملين بالنسبة لماركس.


بالتالي تمكنت الحركة العمالية أخيرًا من بلورة مطالبها الرئيسية وأصبح إقرار حد أدنى مناسب للأجور والحق في التنظيم النقابي المستقل أبرزها وأهمها بالنسبة لهم، بالإضافة لمطالب أخرى كاستعادة الشركات العامة التي تم تخصيصها عبر صفقات فاسدة، وتثبيت العمالة المؤقتة، وحماية العمال من الفصل التعسفي.


وحتى انطلاق ثورة يناير، ظل العمال يطالبون برفع الحد الأدنى للأجور، وظلت السلطة تتجاهله، حتى عندما صدرحكم قضائي في إبريل 2010 بإلزام الدولة بعقد المجلس القومي للأجور وتحديد الحد الأدنى. وقررت الحكومة حداً أدنى للأجر في الموازنة العامة 2011 ـ 2012، بلغ 700 جنيه شهريا، ولكنه يُحتسب على الأجر الشامل وليس الأساسي وقوبل ذلك باستهجان في الأوساط العمالية، إذ لم يختلف ما قررته ما نسميه حكومة الثورة التي طالبت بالعدالة عما كان يقترحه نظام مبارك الفاشي.


والمفارقة التي لم تعد غريبة الآن إن أول قرارات المجلس العسكري الذي تسلم السلطة من مبارك إصدار مرسوم بقانون يجرّم حق الإضراب ويحيل العمال المضربين للقضاء العسكري، وتم بالفعل فض اعتصامات سلمية للعمال بالقوة، واعتقل العديد منهم.


جاء محمد مرسي الذي لم يستمر سوى عامٍ واحد، ليستكمل حديثة عن حقوق العمال دون تطبيق شيء يُذكر إلا إنه برغم العام الوحيد الذي حكمه استخدم الكلاب المدرّبة لفض إضراب عمال شركة العامرية للأسمنت، واستعان بالجيش لإنهاء إضراب عمال السكة الحديد.


بعد رحيل مرسي، بالتحديد في الفترة الانتقالية لعدلي منصور. شكَلت الوزارة في عهد حازم الببلاوي، وأعلنت الحكومة لأول مرة 1200 جنية حد أدنى للأجور.


لكن ثمة تلاعب حدث، حيث كانت الزيادة على الأجر الشامل فقط مستبعدًا الآراء التي تطالب بإضافته للأجر الأساسي. أيضًا وقبل خصم الضرائب وأقساط التأمينات، كما شمل العاملين بالدولة فقط والذين لا يتجاوز عددهم جميعًا ستة ملايين عامل، سيستفيد منه تقريبًا ثلثهم، وأغلبهم الذين تقل أجورهم أصلاً عن 1200 جنيه. أما باقي العمال، في القطاع الخاص والهيئات الاقتصادية التابعة للدولة ولقطاع الأعمال، فلن يطبق عليهم القرار. وهؤلاء يتجاوز عددهم 18 مليون عامل؛ بالتالي سيصبح مصير هؤلاء العُمَال في أيدي المجلس القومي للأجور الذي يسيطر عليه رجال الأعمال، بدورهم سيرفضون القرار.


في يناير 2014 شهدت البلاد موجة غلاء نتيجة التطبيق الوهمي للحد الأدنى، وهو ما عانى منه العُمال الذين لم يطبق عليهم القرار من الأساس، وهم الأغلبية وبدلًا من أن تأتي القرارات لصالح العُمال، جاءت بنتيجة عكسية حيث أفقدتهم حقوقِهم أكثر.


كانت نتيجة ذلك أن أضرب 250 ألف عامل تقريبًا، ما أدى لإطاحة حكومة الببلاوي، ولا يزال ممثلو رجال الأعمال في المجلس القومي للأجور يقاومون أي مُحاولة لرفع الحد الأدنى في القطاع الخاص بحجة أن ذلك سيكون طاردًا للاستثمار أو إنه سيزيد البطالة، والمفارقة التي يجب ذكرُها إن هؤلاء منهم من لديه فروع لشركاتهم في الخارج، في دول تضع حدا أدنى للأجور يبلغ أضعاف ما يطالب به العمال في مصر.


لا زالت الدولة إلى الآن لا تعترف بالنقابات المستقلة، وتعتبر التنظيم الرسمي للنقابات هو المنوط بتمثيل كُل قطاع العُمال، رُغم إصدار وزارة القوى العاملة بالتعاون مع منظمة العمل الدولية لإعلان الحريات النقابية الذي كان يهدف لوضع قوانين جديدة للنقابات، لكن شيء لم يحدث حتى الآن.


جاء الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، وبدأ رئاسته بفض اعتصام لعمال شركة السويس للصلب، ودفع بالدبابات لساحة شركة المحلة أثناء إضراب العمال، كما أمر باعتقال العمال المضربين، وآخرهم عمال من شركة البروبلين ببور سعيد.

اكتَملت هذه الإجراءات القاسية بفض اعتصام لعمال شركة السويس للصلب، ودُفعت بالدبابات في ساحة شركة المحلة أثناء إضراب العمال، كما يستمر اعتقال العمال المضربين، وآخرهم عمال من شركة البروبلين ببور سعيد، بالإضافة إلى التعسف الحكومي الذي تعبر عنه الدولة في مواجهة النِقابات المُستقلة لحقوق العُمال و تستكمل السلطة بطشها على العُمال والفقراء بقرار إلغاء الدعم بالتدريج على السلع الأساسية والطاقة.


بالإضافة لما تتخذه الدولة من قرارات والتي من شأنها رفع الأجور والمعاشات لفئات معينة في الدولة كالقضاء والجيش والشرطة على حساب الفئات الأخرى وخصوصًا هؤلاء العُمال الذين يستحقون هذه الزيادات بحسب ما يعانوه من ضغوط، مع زيادة مُتطلبات المعيشة هل يصمد العُمال المصريين أمام تلك اللقيمات التي يُلقي بها رجال الأعمال وأصحاب المصانع لهؤلاء العُمال أم إن الأمر ينبّأ بكارثة مجتمعية يمكن أن تنفجر في أي لحظة!

 
 
 

Comments


bottom of page