سهير حواس عن “القاهرة الخديوية”: هذا ما حدث في وسط البلد بعد 2002
- Hossam Elkholy
- 24 يونيو 2018
- 3 دقائق قراءة

"منطقتي" تعكف الدكتورة سهير حواس، أستاذ العمارة وعضو مجلس إدارة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، على كتابة الجزء الثاني من مؤلًفها الموسوعي “القاهرة الخديوية.. رصد وتوثيق عمارة وعمران القاهرة بمنطقة وسط المدينة”، وفي هذا الجزء من المقرر أن تعرض “حواس” مشروع إعادة إحياء القاهرة الخديوية، الذي انطلق في عام 2014 ومازال مستمرا.
وتقدّم حواس من خلال الجزء الثاني مجموعة المشروعات الجديدة التي تمت لإحياء المكان، بالإضافة لدراسات عمرانية للأماكن والحدائق والأسواق القديمة إلى جانب الأعمال الفنية التي تناولتها على مدار السنوات الماضية.
وقالت حواس لـ”منطقتي” إن الجزء الأول حرّك الأمور في اتجاه جيد لها، حيث صدرت قوانين لحماية هذه “الثروة القومية”، وأعطيت اسما وتوثيقا.
وتأتي أهمية هذه الموسوعة كونها تضم بين دفتي كتاب واحد، كل المعلومات المعمارية المتناثرة في عشرات وربما مئات الكتب الأخرى والرسائل العلمية في جامعات مصر وأوروبا عن مباني وشوارع “القاهرة الخديوية” التي نعرفها بمنطقة وسط البلد، فضلا عن تكثيف هذه المعلومات مع صور متنوعة وتقديمها للقارئ العادي والمتخصص معا، ليصبح الكتاب مرجعا أساسيا ومصدرا لا غنى عنه لكل من يريد الاطلاع على عمارة منطقة وسط البلد وتطورها، وموقع المنطقة تاريخيا وسياسيا واجتماعيا.
في الجزء الأول من الموسوعة والصادر عام 2002 تستهل سهير حواس الحديث عن رحلتها البحثية والتوثيقية لوسط البلد بالإشارة إلى المواقع المختلفة للعاصمة المصرية تاريخيا من العصر الفرعوني، مرورا بالقبطي وصولا إلى العصر الإسلامي، قبل أن يضع الوالي محمد علي نواة عاصمة حديثة “ارتقت واكتملت في عهد الخديوي إسماعيل” بتعبير حواس.
قبل الفتح الإسلامي كان اسم “مدينة أون” -بمعنى برج رصد الشمس- هو أول الأسماء التي وُصفت بها العاصمة المصرية، كان بها أكبر جامعات العالم آنذاك. بينما بعد الفتح الإسلامي لمصر في الفترة بين (641 – 1171) تغيّر المسمى خمس مرات في كل فترة على حدة؛ كانت “الفسطاط” أولى تلك العواصم مع عمرو بن العاص، تحولت بعد تسميتها إلى “مدينة العسكر” -كانت بالقرب من السيدة زينب تقريبًا-، واتسعت آنذاك في العمارة مع تواجد الدولة العباسية.
بعد انتهاء الحكم العباسي، وفي العهد الطولوني أصبح اسمها “مدينة القطائع”؛ مدّ الطرق، وكثرت فيها المساجد والمستشفيات وقصور رجال الدولة.
سط كل المسميات التي مرت عليها العاصمة المصرية، ثمة مسمّى لم يغب يومًا عن كلمات المصريين؛ “قاهرة المعز”، فمع سيطرة الفاطميين على الحكم؛ أطلقوا عليه تلك التسمية -التي ستستمر طويلًا- كرابع مسميات القاهرة في العهد الإسلامين، أنشأها جوهر الصقلّي وأصبحت عاصمة الدولة بعد إنشاءها بأربعة سنوات، وانتعشت اقتصاديًا بشكلٍ كبير آنذاك.
كان العامل المشترك بين كل تلك العواصم السابقة، أنها كانت في أماكن مختلفة عن سابقها في كل مرة، وكانت تلك الفكرة هي جوهر تركيز صلاح الدين الأيوبي الذي أعاد صياغة شكل جديد وشامل لآخر عواصم القاهرة في العهد الإسلامي، فبدلًا من السير على غرار سابقيه؛ قرر ضم ضواحي المدن الأربعة التي أقيمت قبله في مدينة واحدة لتصبح عاصمة الدولة؛ هي “قاهرة صلاح الدين الأيوبي”.
تركز حواس في موسوعة “القاهرة الخديوية” إلى الدور الكبير الذي لعبه محمد علي وأسرته في تحديث القاهرة على غرار العواصم الغربية، فمع تولّي أسرة محمد علي حكم مصر تغيرت الأمور جذريًا، تطور النظام التعليمي، ذهب أيضًا ما يمكن اعتباره التصوّر القديم لإنشاء المدينة أو العاصمة، فبدلًا من وضع أولوية لاختيار مكان ما وتحصينه أصبح الاعتماد على مساحات أكبر الحل الأمثل لا سيما وسط تعدد سكاني كبير، وبدلًا من الإنكفاء على النظرة الإسلامية في العمارة، ذهب حفيد محمد علي الخديوي إسماعيل -المنوط به هذا الكتاب- ينظر للبناء الحديث والمتطور في الغرب.
تحوّلت القاهرة في عهد أوّل خديوي مصري من التصميم القديم الذي يمتد من القلعة في المقطم شرقًا إلى الأزبكية وميدان العتبة غربًا في خمس سنوات إلى القاهرة التي نعرفها اليوم؛ أنشأ الكباري (قصر النيل، أبو العلا) إلى جانب دار الأوبرا وأنشأ شارع محمد علي وخط السكة الحديد ثم أدخل الترام بعد ذلك، اهتم أيضًا بوضع أشجار وحدائق عامة للمدينة الجديدة وصلت إلى حد توزيع الأراضي مجانًا على الأعيان مقابل استصلاحها.
أصبحت القاهرة في عهده مسيطرة على مساحة 2000 فدان من مصر، زاد عدد سكّانها، وأصبحت تمثل قيمة حقيقة واضحة ومؤثرة واقعيًا أو بشكلٍ رمزي؛ كانت بمثابة معرض كبير ومفتوح للمعماريين في الداخل والخارج إلى جانب كونها تجمعًا واسع للمباني الصحفية مباني الصحافة والمحاكم والشركات الكبرى.
ويتضمن الباب الثاني من الموسوعة بعد الخلفية التاريخية للعواصم المصرية، رصد وتوثيق للعمران، الشوارع والميادين والمباني المختلفة بداية من ميدان الإسماعيلية (التحرير حاليًا) ومرورًا بالفلكي وعابدين وقصر النيل وطلعت حرب وأحمد عرابي نهاية بميدان رمسيس (نهضة مصر سابقًا) وشارعه (شارع الملكة نازلي سابقًا).
كما يشمل الحديث في الباب الثالث والأخير من الموسوعة على نماذج توضيحية ورصد ما يقرب من 300 مبنى من تلك الأبنية السكنية والخدمية والميادين المختلفة؛ مثل عمارات شارع عبد العزيز في نهاية القرن الـ19 المبني على الطراز الكلاسيكي، أو المتحف الإسلامي المبني باعتباره دار للكتب في 1904 على الطراز العربي، كما توضّح صور لميدان رمسيس في بداية الألفية الثالثة.
كما يتضمن الجزء الأول من الموسوعة ملحق خاص به رسومات للعمارات المشيدة على طُرز معمارية مختلفة كتوثيق معماري مهم، يبين كيفية بناء واجهات الشوارع وتفاصيل أجزاء الميادين المتواجدة داخلها.
Kommentare