top of page

aboutMe

Egyptian writer and photographer, graduated from the Faculty of Media and Communication Arts, Radio and Television Department, interested in writing in philosophy, literature and film criticism.

سينما كين لوتش وأزمة العامل الـ"freelancer"

  • صورة الكاتب: Hossam Elkholy
    Hossam Elkholy
  • 10 نوفمبر 2019
  • 6 دقائق قراءة

بوستر الفيلم الأخير للمخرج كين لوتش Sorry we missed you. من صفحة الفيلم على فيسبوك

مخرج الإيطالي مايكل أنجلو أنطونيوني هل سمعت عنه عزيزي القاريء؟ حسنًا لا يهم كثيرًا، ذكرته في البداية كي استعرض عليك معلومة سينمائية أسحب قدمك بها، كما أود أن أقول لك أنه كان السبب في قرار محمد خان بأن يصبح مخرجًا، وربما يكفي ذلك كي تشكره وتترحم عليهما معًا؛ قال أنطونيوني ذات مرة:أن كل مخرج فعليًا يُخرج فيلمًا أوحد في حياته وأن بقية الأفلام ليست إلا تكرارًا لهذا الفيلم... إذا كان المخرج مجتهدًا بما فيه الكفاية فربما يقدّم فيلمين. من هنا، تحديدًا من أرضية هاجس الفكرة الواحدة يمكن الحديث حول أعمال مخرج بريطاني اسمهكين لوتش، مُخرج آخر يمكن أن نتحدث عنه سويًا ونستعرض معلوماتنا على بعض، نتكلم حول العمل والبطالة ومفهومهم الحديث من خلال أعمال هذا المخرج، قرأت أنه متضامن مع فلسطين منذ زمن ورافض لللإحتلال، وأنه درس الحقوق ليس السينما وغير ذلك، سنتحدث إن أردت أن تبقى وقتًا أطول وسوف تقرأ الكثير من الاستعراض والروشنة، هيا.

لحظة واحدة.. لماذا نتحدث عن أعمال كين لوتش أساسًا؟ المنتجة والمخرجة ماريان خوري صاحبة فكرة بانوراما الفيلم الأوروبي الذي سيعرض فيلم كين لوتش الجديد Sorry we missed you ضمن فاعليات الدورة الـ12 منه، والتي تُقام حاليًا.قالت في حواري السابق معها أن الفكرة الجوهرية لديها منذ الدورة الأولى كانت لتأييد محاولة عرض أفلام غير تجارية (وهي فكرة سينما زاوية عمومًا) فأسست هذا الحدث الفني السنوي الذي بدأ عام 2004 لعرض أحدث الأفلام الأوروبية من داخل القاهرة فقط ثم أصبح ينطلق في أربع محافظات مختلفة، وكان سبب النجاح الرئيسي: مركزية سينما زاوية وجمهورها داخل وسط البلد هو الذي شكّل نجاح الحدث الذي واجه فشلًا أثناء عرضه خارجها.

تعتمد البانوراما بشكل أساسي على استقطاب الكُتّاب وصناع السينما إلى جانب كثيرين ممن يبدون اهتمامهم بالفنون والذين من بينهم عدد غير قليل انتقلوا من أقاليمهم للمدينة نظرًا لظروف عملهم ومركزية الفاعليات والنشاطات الثقافية داخل المدينة، أيضًا تبذل البانوراما محاولات جذب فئات أخرى تسكن منطقة وسط البلد إجباريًا نظرًا لجغرافتها التي تجعل منها سرّة المدينة؛ العديد من السكّان الأجانب الذين يحرصون على حضور "البانوراما" ذلك الحدث الآتي من رحم ثقافتهم أو ثقافات شبيهة لا تُتاح كثيرًا أثناء إقامتهم في القاهرة، وإلى فئة أخرى أشبه بفئة "الأنتليجنسيا" كما كانت تسمى أثناء الثورة الشيوعية في 1917، تلك الفئة المتعلمة التي تقف في مواجهة الرأسمالية والسلطات الحاكمة وسيطرة رؤيتها السياسية والثقافية والإجتماعية بالضرورة، ستتحرك تلك الفئات غير القليلة خصوصًا داخل القاهرة لمشاهدة مجموعات الأفلام التي تتيحها البانوراما وأفكارها عن حريات المثليين ومشكلاتهم وتمرد الأطفال على المجتمع وأزمات العمل التي تشغل الآباء عن أبناءهم، وبالطبع احتقار الرأسمالية وأصحابها باعتبارهم أساس كل سوء؛ كل هؤلاء في الغالب سيجذبهم الحديث عن Sorry we missed you فيلم كين لوتش الجديد وأعماله التي سبقته، فإذا كنت من هؤلاء، أو كنت مهتم أكثر بالتفاصيل، أدخل وأغلق الباب خلفك جيدًا "الحيطان ليها ودان".

عمال وفلاحين وطلبة في تتبع لمسيرة المخرج كين لوتش نجد ما يؤكد على الهاجس الذي يشغله طوال الوقت بخصوص فكرة العمل والبطالة.

لا فرق إن قررت أن تكتب حياته من بداية مسيرته إلى نهايتها، كما اعتاد الحديث عن الفنانين والكتاب أو العكس، بالنسبة لي فضلت العكس، فتلك أولى خصال الروشنة: مثلًا كان آخر أفلامه فيلم تسجيلي بعنوان: في محادثة مع جيرمي كوربن. حاور خلاله رئيس حزب العمال البريطاني جيرمي كوربن حول أزمات العمل والبطالة التي يواجهها المواطن البريطاني خصوصًا مع أحاديث خروج الدولة من الإتحاد الأوروبي بشكل لا رجعة فيه.

في عام 2016 أخرج كين لوتش مع لورا أبيلوس فيلم "أنا دانييل بليك" (حصل على السعفة الذهبية من كان للعام نفسه). يحكي الفيلم قصة نجار يصاب بمرض قلبي يمنعه عن العمل، يسعى بعدها للحصول على معاش المتقاعدين الذي تمنحه الدولة لكبار السن والعاجزين عن العمل لكنه يصطدم بتعسفات الدولة المتكررة التي تشكك في استحقاقه للمعاش مما يضطره للدخول في أزمات مهينة لكرامته، أثناء ذلك يقابل دانييل أرملة شابة تُعيل طفليها وتجد أيضًا تعسف في الحصول على وظيفة، بعد محاولات مضينة تلجأ الفتاة للحل الأكثر بديهية: العمل كمومس للحصول على مال يكفي طعام أسرتها. بعد تلك الوجبة الدسمة من الإنسانية المفرطة والتعاطف غير المشروط تبرع لوتش بكل عائدات عرض الفيلم لصالح حركة مقاطعة الكيان الصهيوني.

قبله أخرج فيلم Jimmy's Hall الذي يسرد قضية الصدمة من الفقر الذي أعقب فترة الكساد بسبب انعدام العدالة عن طريق الشاب الذي يعاود الرجوع لبلده بعد عشر سنوات من تركها، وقبل ذلك قدم "حصة الملائكة" التي يحكي خلالها عن سعي شاب وأصدقاءه لمحاولة العمل في أحد مصانع الويسكي للخروج من فقره.

في عام 2007 شاهد الناس في السينما "إنه عالم حر" (حصل على جائزة السيناريو من مهرجان البندقية) يحكي قصة إنجي التي تُطرد من وظيفتها وتحاول البحث عن وظائف للمهاجرين. وعن أزمة المراهق والعمل قدما "Sweet Sixteen" الذي يحكي قصة مراهق يحاول البحث عن عمل له ولوالدته المسجونة. قصة حب مختلفة قدمت في "My Name Is Joe" لرجل موقوف عن العمل بسبب تعاطيه الخمور ومعالِجته سارة التي تنشأ بينهم قصة حب على كوبري الاحتياج.

في كل الأعمال السابقة كما في الفيلم الجديد "آسف، لم نجدك" الذي سنتحدث عنه قريبًا لا تقلق لم أنس، كان قلم كين لوتش وعقله الذي يكتب هو فرد واحد، بالطبع لم يحصل على الاحتفاء ذاته، يفضّل الجلوس في الظلام كما بقية الكتّاب المخلصين الذي ينتهي دورهم مع انتهاء كلماتهم، حتى أني لو لاحظت ذكائي المفرط قارئي العزيز لم أزعجه بذكره كثيرًا خلال المقال حفاظًا على روتينه المعتاد: الكاتب بول لافرتي.

صداقة مخلصة بين كاميرا وقلم من أجل قضية واحدة: أزمات العمل في زمن الرأسمالية.

العمل الحر والبطالة.. وجهان لـ.... واحدة

كان يمكن دون اللجوء لهذا الكم


كان يمكن دون اللجوء لهذا الكم من الأفلام ودون "فرهدة" أن نقول ببساطة: العالم غير عادل والحياة أبدية والعذاب سرمدي، سنبقى فقراء ولن تنقذنا ساعات العمل المتضاعفة وتنتهي القصة دون حديث آخر وفيلم جديد، لكن لماذا نحن أمام مرحلة جديدة في أزمة البطالة والعمل علينا إعادة النظر في مفهومها ذاته؟

في حوارتها حول كيفية وطرق العمل المستقبلي ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" نصيحة لأحد كتّابها تقول: إعمل أقل ولكن بجودة أفضل. يؤيد ذلك مورتن هانسن كاتب صحيفة "وول ستريت جورنال" الذي يحاول خلال كتابه: كن عظيمًا في العمل: كيف يبذل من هم أفضل مجهودًا أقل ويحققون المزيد. شرح كيفية عمل الأشخاص على مشروعات/أفكار عظيمة في عدد ساعات عمل أقل، بعكس ما يرى البعض من أن "الضغط المتزايد هو السبيل الأفضل للنجاح". وفي استطلاع رأي أجرته صحيفة "فايننشال تايمز" لبعض قيادات الأعمال تحت عنوان "كيف أصبحت أكثر إنتاجًا في 2018؟" كانت أهم النتائج تقول: توقف عن أداء أكثر من مهمة في وقتٍ واحد، إنه يضر أكثر مما يفيد.

حاول أن تجعل قراءة الفقرة السابقة بمثابة حُلم جميل مليء بالتنظير والشاعرية، اعتبرها بمثابة هدية صغيرة منّي تلطف الجو الضبابي لكن إياك أن تتعامل معها كفرضية يمكن للحكومات والقطاع الخاص تطبيقها. تلك مراهقة قد تصبيك بحبوب في وجهك لا تسر الناظرين.

Sorry we missed you.. كله بالفلوس من المدينة ذاتها التي صور فيها فيلم دانييل بليك في نيوكاسل تعيش أسرة كريس، ربما من البداية ذاتها للفيلمان؛ استجواب قاسي من شخص ما للبطل حول مدى أهليته واستحقاقه للحصول على قليل من المال، بداية سوداء نسمع أصوات ولا نرى صورة، شاشة سوداء يمكن لأي عامل شبيه أن يتخيل ذاته ليكمل معها الفيلم دون اللجوء لبطل آخر. في فيلم "عفواً، لم نجدكم" عامل يفقد عمله الأساسي، ولا يجد جديد مناسب بالرغم من كفاءته الوظيفية وجودة مؤهلاته، وتلك مرحلة أكثر خطورة وتعقيد بخصوص العمل والبطالة من كل

ما سبقها، ما يضطره للالتحاق بإحدى شركات النقل العملاقة ليعمل لحسابها كسائق مستقل.

أسرة من زوجين ومراهق وطفلة صغيرة في بيت صغير مستأجر رغم عمل الأب والأم المستمر على مدار ستة أيام في الأسبوع وحوالي 14 ساعة يوميًا. لن ترى الأسرة كثيرة مجتمعة إلّا لضرورة هي في الغالب مشكلة فعلها أحدهم، التواصل في الغالب عن طريق الهاتف أثناء أوقات قصيرة مستقطعة من العمل أو في الحافلة.

يعيد صياغة أزمات العمل والرأسمالية دون اعتبار ذلك مجرد أرشفة وتأريخ لمعاناة الطبقة العاملة ومآسيها في العالم ليس بريطانيا فقط. يتساءل بهدوء عن مساحات الحقوق داخل مجتمعات العمل المحلية الحكومية والخاصة؟ لماذا وكيف اختلفت طبيعة العمل سياسات النيوليبرالية؟ تلك أشياء يمكن ببساطه الحديث عنها في خطابات عديدة مؤثرة وسريعة النسيان لكنها لا تنتهي، الكلام ينتج كلام دائمًا، لكن براعة الثنائي هنا يأتي من نحت شخصيات تظل معنا في الخيال، أبطالهما يموتون معنويًا ربما بعد الانتصار الشخصي لأنفسهم والبصق على المجتمع، فقط قلة الحيلة أمام إكليشيه يجد نفسه محققًا: رجل يتحدى العالم من أجل تأمين دخل بسيط وشريف لأسرته، يتحدى العالم سيدي الفاضل ليس مدينة الشيخ زايد فقط، لكن دون انكسار أو مظلومية من التي يأتي معها موسيقى حزينة تجعل حال الأبطال "يصعب ع الكافر".

أقول لك سرًا ربما لا يمثل أي فارق، فقط لأنك تحملت كل معلوماتي السابقة التي يمكن الحصول عليها من "جوجل" عادي: أنا أيضًا مثل كريس ودانييل وكل أبطال الثنائي رغم وجودهم في بريطانيا ووجودي في شبرا مصر: أنا عامل حر، إبن بار للطبقة المتوسطة، فواعلي، أتحمل كل مخاطر عملي، لا يجازف رب العمل لمساعدتي في أي شيء. يقاسمني المكسب ويحملني الخسارة كلها، أعيش على "كف عفريت" فيما يخص وضعي المادي، وبالنسبة للوضع المعنوي والنفسي دعنا نتركه الآن لنتجنب احتمالية الإتصال بالإسعاف بعد نصف ساعة، متوحد مع الأبطال السابقين كتوحد مراهقة مع أشعار نزار قباني، كتوحد فتى جامعي مع أحلام يقظته وبطولاته الوهمية، قد أتجاوز وأقول كتوحد مصطفى بكري مع النظام، من شدة تأثري، تعاطفت معي؟ حسنًا، أرجو ألا تكون طبطبة والسلام، قل لي، هل توافق أن تزوجني ابنتك؟


 
 
 

Comments


bottom of page