top of page

aboutMe

Egyptian writer and photographer, graduated from the Faculty of Media and Communication Arts, Radio and Television Department, interested in writing in philosophy, literature and film criticism.

عن "تطبيع" الفن المصري في القضية الفلسطينية

  • صورة الكاتب: Hossam Elkholy
    Hossam Elkholy
  • 21 يونيو 2018
  • 7 دقيقة قراءة


ree


"ألترا صوت" يدرك الجميع مدى الخطورة التي تشكلها الأعمال الفنية سواء السينمائية أو التلفزيونية على إعادة تشكيل الوعي لدى الجماهير بشكلٍ كبير في مقابل الصراع العسكري. لكن الجانب الإسرائيلي يبدو إنه الأكثر إهتمامًا وتفاعلًا بهذا الجانب بالتحديد حيث اكتسب متعاطفين أكثر عن طريقها مثل ما فعل مع قنوات مثل (نيتفيلكس) (إتش بي أو) اللذين عُرض من خلالهم مسلسلات عن عمل المؤسسات الأمنية في إسرائيل من وجهة نظر أحادية الجانب مثل سجناء الحرب وموساد 101 وغيرهم.


بل يذهب الطموح الإسرائيلي لأكثر من ذلك، حيث قامت وكالات إستخباراتية داخل دولة الإحتلال الإسرائيلي بنشر إعلان رسمي للبحث عن مجندين للموساد الإسرائيلي من مختلف البلدان (جواسيس). نرصد في هذا التقرير مراحل التطور والتغير التي عبّرت عنها الحالة الفنية المصرية تجاه القضية الفلسطينية، ونحاول الإجابة عن السؤال هل هناك أعمال فنية مصرية شكّلت تطبيع فني مع الكيان الصهيوني؟



البداية القديمة.. مجتمع واحد كسرته الصهيونية!

منذ أن صدر وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين التي كان يغلب العرب على سكانها آنذاك، وما قابله من رفضٍ قاطع من جانب الدول العربية من بينهم الدولة المصرية لا سيما، تأثرت العلاقات الفنية أيضًا عقب تلك الفترة مباشرة.


أنتجت مصر في تلك الفترة أفلام عن القضية الفلسطينية وتفاعل مصر معها أشهرهم فيلم فتاة من فلسطين للمخرج محمود ذو الفقار. بينما يذكر الناقد الفني محمود عبد الشكور إن أهم الأعمال الفنية التي جسدّت عوامل الصراع الفلسطيني في إسرائيل فيلم المخدوعون لتوفيق صالح، وفيلم باب الشمس ليسري نصر الله رغم إنتاجهم في أوقات متأخرة عن بداية الصراع. بالإضافة لأفلام تحدثت عن حالات فردية تمثّل الصراع مثل فيلم كفر قاسم عن المذبحة الشهيرة.


ويقول عبد الشكور في حديثه لألترا صوت، إن أهمية العمل الفني ليست في توقيته بقدر المعالجة التي يقدّمها للصراع، بالإضافة إلى المعايشة التي لم يحصل عليها القائمين على العمل الفني من مصر بشكلٍ كافي.


كل هذا التفاعل كان نتيجة التعود على فنانين يهود عرب شاركوا في تشكيل الوعي المصري قديمًا، أمثال الصحافي والكاتب اليهودي يعقوب صنّوع والصحافي مراد فرج والشعراء اليهود العراقيين أنور شاؤول ومراد ميخائيل ويعقوب بلبل. بالإضافة إلى أدباء إسرائيليين كتبوا بالعربية؛ مثل سمير نقاش من العراق وموريس شماس من مصر. وهذا ليس إلا عدد قليل من قائمة طويلة، تمتد على مدار مئات السنوات.


في عام 1932، صنع المخرج اليهودي توجو مزراحي فيلمه خمسة آلاف وواحد الذي شارك في بطولته مع الممثل اليهودي شالوم. شكّلت شخصية الممثل "شالوم" الكوميدية في هذا الفيلم العديد من الأعمال السينمائية بعد ذلك، حيث تعد أول حضور قوي للشخصية اليهودية في السينما المصرية، التي تعكس حياة اليهود في مصر من خلال بعض المواقف الكوميدية التي تتعرض لها الشخصية، مؤكدةً على اندماج اليهود في المجتمع المصري في ذلك الوقت. بالتالي أُنتج عدة أفلام تعتمد على الشخصية نفسها، ومنهم على سبيل المثال شالوم الترجمان وفيلم شالوم الرياضى.


سارت سلسلة أفلام شالوم على غرار السلسلة الشهيرة التي قدمها بعد ذلك الممثل الكوميدي الشهير إسماعيل يس مثل إسماعيل يس في الجيش وإسماعيل يس في البوليس وهكذا.


كان هؤلاء فنانون يهود كتبوا وأنتجوا أعملًا مصرية عربية، خاطبوا المسلمين والمسيحيين واليهود على حد سواء، وساهموا بكتابتهم وأفعالهم في تطور الفنون المصرية بكافة أشكالة المكتوبة والمرئية لم ينالوا شهرة فنانين يهود أيضًا مثل الممثلة والمغنية الشهيرة ليلى مراد.


وربما ذكر المخرج المصري يوسف شاهين بعد ذلك إن هؤلاء الفنانين كانوا سبب طرح مشكلة الهوية اليهودية في بعض أفلامه مثل فيلم اسكندرية ليه عام 1978 الذي تطرق من خلاله إلى تعددية مجتمع في مدينة مثل الأسكندرية في مصر. فكان بعض أبطال العمل يهود مصريين.



ما بعد المقاطعة وأشياء أخرى

يحكي اليهودي المصري موريس شماس قصة شخص كان صاحب المقهى الذي يجلسوا عليه مع أصدقاءه وهو يهودي مصري من أصل إيطالي يدعى لانسيانو الذي كان أكثر الغاضبين بسبب خبر إسلام الفنانة ليلى مراد، وأعلن أنه سيغلق راديو المقهى أثناء إذاعة أغنيات ليلى وأنزل صورتها المعلقة على الحائط، إلَّا أن سعدية اليهودية أيضًا ثارت على هذا التصرف، وصاحت: لماذا هذا الغضب؟


وربما ذلك ما يفسّره الدكتور محمد أبو الغار بالإندماج الواضح الذي كان يوجد قديمًا بين المصريين واليهود بعيدًا عن الإندماج الفني، قبل ظهور الكيان الصهيوني، الذي أحدث "شرخ" في هذا الإندماج والذي يجب أن نكون على دراية للتفرقة بين هذا الأمر.


في المقابل يرصد الناقد الفني محمود عبد الشكور إن هذا الإندماج لا يزال قائمًا حتى الآن سواء على المستوى الفني أو الإنساني، وإن غالبية المصريين يستطيعوا التفرقة بين ما يمثله الكيان الصهيوني من إنتهاكات على مدار التاريخ وبين الفئة التي تمثل الديانة اليهودية وأهل الكتاب الذين يجب علينا التعامل معهم بإنسانية.


نتيجة الحساسية التي يحدثها التعاون الفني مع إسرائيل، بدأ عرض الأفلام العربية وخاصةً المصرية على التلفزيون الإسرائيلي بشكلٍ غير رسمي منذ عام 1968مباشرةً بعد حرب 1967 المعروفة بحرب الأيام الستة. واستمرت تقاليد عرض فيلم عربي كل يوم جمعة في تمام السادسة مساءً حتى بداية فترة التسعينيات من القرن الماضي. حيث كان يجذب متابعين كُثر من العرب والإسرائيليين الغربيين على السواء.


في مقالة كتبها في صحيفة معاريف الإسرائيلية، يحكي الكاتب الإسرائيلي يوريم فريد إنه بتاريخ 23 مايو 1980 نهار الجمعة في تمام السادسة مساءً، نفتح جهاز التلفاز، وبعد موجز الأخبار بالعربية يبدأ الفيلم العربي مع ترجمة للعبرية. كنّا نعرف أبطال العمل وجميع الشخصيات، ومن الأدوار المختلفة كنا نستطيع الوصول إلى تركيبة لا نهائية من الدراما الأسرية عن طريق السينما.


على ما يبدو إن هذه الأعمال "التأريخية" سواء في السينما أو التليفزيون أعادت صناعة رؤية عن بعض القضايا التي تتعلق بجوانب الصراع العربي الإسرائيلي، بينما تظهر أعمال إسرائيلية تدّعي مظلومية صهيونية كاذبة، وتُلقي عواقب الصراع والقتال على الجانب الفلسطيني وحده.


في المقابل يفسّر الباحث اليهودي أرنست جلنر في كتابه عن القوميات والقومية إن الإنسان الحديث ليس مخلصًا للحاكم أو للأرض أو للدين، ليقل ما يقوله، فسيظل مخلصًا للثقافة. بالتالي صناعة هذه الثقافة الفنية سواء كانت مسموعة أو مقروءة، لا تؤذي أحد أطراف الصراع المختلفة.


في وقت ليس ببعيد، وخلال ندوة عرض فيلم الزواج الممنوع في الأرض المقدسة للمخرج الفلسطيني ميشيل خليفي طرح الناقد الفني الراحل سمير فريد سؤال بخصوص المقاطعة التي تمارسها على العروض الفنية التي تطرح شخصيات إسرائيلية تحت مسمّى الوطنية والعداء لإسرائيل بالرغم من ما في ذلك من حصار علينا أيضًا يصب في مصلحة إسرائيل بشكل أساسي لإنه يمنعنا من فهم هذه العقلية!

بينما صارع الجانب الإسرائيلى لبناء محاولات عديدة للتطبيع الثقافى والفنى مع مصر بعد الانتهاء من توقيع اتفاقية كامب ديفيد الشهيرة فى نوفمبر عام ١٩٧٩ إلا أن هذه المحاولات قوبلت بالرفض التام آنذاك.


لم يعد للإسرائليون من سبيل إلّا سرقة هذه الأعمال المصرية وإعادة تقديمها مرة أخرى على الشاشات الإسرائيلية؛ فأنتجت الإذاعة الإسرائيلية روايات الكاتب إحسان عبد القدوس مثل بئر الحرمان فى مسلسل من إخراج وبطولة فؤاد مرسى بالإضافة إلى عددٍ من الممثلين والإذاعيين الإسرائيليين الذين يجيدون اللهجة المصرية.


فى حوار أجرته إذاعة صوت إسرائيل عام ١٩٩٤ مع المطربة شادية الكرمل أكدت فيه أنها حضرت إلى مصر خصوصًا وسعت لمقابلة الموسيقار سيد مكاوى وكان هناك مشروع مشترك بتلحينه لأغنية تقدمها بصوتها. وهو ما نفاه مكاوى بعد ذلك.


أيضًا خلال حقبة التسعينيات كانت الأغانى المصرية تحديدًا هى الأكثر رواجًا، بالتالي ظهرت مطربة إسرائيلية تدعى "سعيدة سلطان" لجأت إلى الألحان المصرية الشهيرة ووضعت عليها كلمات عبرية ثم قدمتها بصورة استعراضية اعتمدت فيها على الحركات الجنسية.


على ما يبدو ظل ملف "التطبيع الفنى" بين القاهرة وتل أبيب خطر الطرح لدى السياسيين فى مصر وإسرئيل نتيجة حالة الرفض الشعبى له. إلا إن زيارة عدد من الفنانين المصريين «تل أبيب» مثل الكاتب الكبير الراحل على سالم والمطرب مدحت صالح والمخرج الراحل حسام الدين مصطفى وغيرهم.


طلب البعض وقتها أصوات بمحاكمتهم شعبيًا وشطبهم من جداول النقابات الفنية ومنعهم من مزاولة نشاطهم الفنى نتيجة عدم التزامهم بالمقاطعة. لكن بعد انتقال السلطة الفلسطينية إلى غزة ورام الله أصبح تواجد المطربين المصريين والعرب أمرًا طبيعيًا نتيجة مشاركتهم فى مهرجانات ومناسبات فنية ووطنية فلسطينية، فذهب فنانين مثل هانى شاكر ومحمد فؤاد وغيرهم.



حرق علم إسرائيل



بالرغم من المعارضة التي مثلها الفن المصري بأشكالة المختلفة سواء كان في شكل روايات فنية أو مسلسلات إذاعية وتلفزيونية تحفّز على المقاطعة وقطع العلاقات مع إسرائيل، إلا أن في الفترة الأخيرة بالتحدي أكدّت على إظهار رسائل تؤكد على التفرقة بين الفرد اليهودي أو المجتمع اليهودي وبين الكيان الصهيوني الذي يرفضة صانعي الأعمال الفنية المصرية منذ بدايته. بالنسبة لأعمال مثل مسلسل حارة اليهود أو مسلسل الصفعة أو مسلسل مأمون وشركاه والوثائقي عن يهود مصر؛ اللذان إهتمّا بوضع الأقليات اليهودية في مصر وغيرهم. يجب أن تساعد على تأكيد تلك الرسائل.


عند سؤال المخرج المصري علي بدرخان لماذا ظلت فلسطين بطلة لنشرات الأخبار علي مدار الساعة بينما لم يعد لها وجود في عالم السينما والتلفزيون؟ قال إنه "منذ البداية لم يكن لفلسطين وجود في السينما، حالات فردية للغاية ظهرت خلالها القضية علي استحياء أما أن نتعامل مع النكبة بجدية وهدف فذلك لم يحدث أبدا والأسباب متعددة ويسأل عن تلك الجريمة طرفين الدولة من جهة والمنتجين من جهة أخري".


وأضاف إن من يُسأل عن ذلك الضياع هم الأنظمة التي ظلت توهم الشعوب لحقب طويلة بأنها تدافع عن القضية قلبًا وقالبًا بينما هي تبخل عليها بتمويل فيلم عن القضية وربما لو أن قيمة ما أهدر علي المؤتمرات الصحفية والإعلامية والمهرجانات جرت الاستفادة منها في مجال إنتاج الأعمال الجادة لقدمنا سلسلة من الأفلام التي تعرض آلام الشعب الفلسطيني علي الشاشة بين بلدان العالم.


بينما يخالفة الناقد محمود عبد الشكور في ذلك الرأي أن شباك التذاكر هو الذي يجب أن يحكم صنّاع الأعمال الفنية؛ فالأعمال التي تتحدث عن القضايا الكبرى في العمومًا لا تلاقي تفاعل كبير من قِبل الجمهور خصوصًا وإن السينما والتليفزيون المصرين تعتمد في الأساس على الربح والتجارة.


يذكر "عبد الشكور" لألترا صوت عدّة أمثلة تؤيد وجهة نظره، فعلى سبيل المثال منذ عدة سنوات أنتج الممثل المصري غسان مطر فيلم كلنا فدائيون عن القضية الفلسطينية؛ والذي لم يلقى نجاحًا كبيرًا كما توقع، بالإضافة إلى أعمال فنية عن الصراع لم تكتمل من الأساس مثل العمل الفني الذي إتفق عليه الكاتب المصري فتحي غانم مع المخرج سعيد مرزوق والذي توقف إنتاجه بسبب التمويل وبعض المشاكل الأخرى، وتحول السيناريو إلى رواية مكتوبة تحمل إسم أحمد وداوود.


أعمال فنية فلسطينية جسّدت الصراع

في البداية لا يمكن أبدًا الحديث عن الأعمال الفنية الدرامية دون أن نذكر المسلسل الملحمة كما يُقال عليه التغريبة الفلسطينية حيث تم إنتاجه أكثر من مرة، فيما كان الإنتاج الأضخم في عام 2004 ويعد المسلسل الأضخم والأقوى والأشهر. أخرج هذا العمل المخرج القدير حاتم علي، ونجح في تصوير الحياة الفلسطينية قبل وبعد وأثناء النكبة الفلسطينية، وعلاقة أفراد الاسرة فيما بينهم، ابتداءً من الوالديْن وفقرهم الشديد، وأبنائهم، ومنهم الثائر، ومنهم من سلك طريق العالم والراغب في الهجرة تمامًا كما هو الواقع اليوم.


أيضًا يَحكِي مسلسل الاجتياح ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي من اجتياح مخيم جنين في عام 2002 في عملية عسكرية أَطلق عليها رئيس الوزراء الاسرائيلي الراحل آرييل شارون عملية السور الواقي. وحصل المسلسل على جائزة "إيمي" العالمية عن فئة المسلسلات الطويلة من بين خمسمائة مسلسل عالمي.

بالإضافة للعديد من المسلسلات التي تحكي القصة الفلسطينية مثل أنا القدس والفدائي والروح المسلسل الجديد الساخر كفر اللوز والأغراب.


على ما يبدو إننا لمسنا من خلال التقرير إنه لم يوجد ما يسمّى بتطبيع الأعمال الفنية مع الجانب الإسرائيلي بالمعنى الصحيح، لكنّنا رغم ذلك أردنا توضيح أزمة أخرى ربما أكثر أهمية من ذلك، وربما تزيد أهميتها عن الأزمات الحديثة التي ظهرت بخصوص عرض بعض الأعمال الفنية على شاشات إسرائيلية بشكلٍ غير رسمي أيضًا نتيجة فشل شراء حق عرضها بشكلٍ رسمي.


يعيش في العالم حتى الآن نحو 6.103.200 يهودي (صهيوني) داخل الأراضي الفلسطينية فقط بخلاف الموجودين بالخارج ومنهم من يوجد بأعداد كبيرة في دول عربية وإسلامية مثل المغرب وإيران وتونس. بينما بلغ عدد السكان في فلسطين حوالي 4.81 مليون نسمة، منهم 2.45 مليون ذكراً و2.36 مليون أنثى بحسب آخر الإحصائيات. بالإضافة إلى إن من بينهم عدد كبير خارج الأراضي الفلسطينية، وهو ما يظهر التفوق العددي للجانب الإسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية.


قلة تعداد الجانب الفلسطيني بالإضافة إلى عدم "التأريخ" الفني المستمر لقضيتهم، سواء من الجانب المصري أو غيره من البلدان العربية الذين لا سيما يعايشوا عن قرب أضرار وعواقب هذا الصراع؛ ربما ينتج كل ذلك على مدار السنوات المقبلة "تجاهل" أو "عدم معرفة" لدى بعض الصغار الذين لن يعلموا الكثير عن تلك القضية.

 
 
 

تعليقات


bottom of page