كمال الجنزوري يكتب نفسه
- Hossam Elkholy

- 21 يونيو 2018
- 9 دقيقة قراءة

"ألترا صوت" المشهد الأول: وسط توقعات شبه مؤكدة لإعتباره رئيسًا للوزراء للمرة الثانية في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، خرج رئيس وزراء مصر الأسبق كمال الجنزوري من المشهد السياسي بدون مقدمات أو تفسير لذلك، ثم اختفى بدون أن يعلن أية أسباب.
المشهد الثاني: رفض الثوار في ميدان التحرير على تشكيل حكومة الثورة تحت قيادة رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري بعد تكليف القوات المسلحة له بذلك، مشيرين إلى كونه أحد رموز النظام التي قامت الثورة من أجل فساده، واختفاءه مرة أخرى مع تولّي الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
ثمة كثيرين من متابعي التحولات العديدة في مصر بين المشهدين لا زالوا حتى الآن بين مؤيد ومعارض في تحديد هوية وصلاحية هذا الرجل الذي يظهر ويختفي بدون سابق إنذار، هل نعتبره وقف مع النظام السابق أم ضده؟ على ما يبدو أن الأرقام تستطيع الإجابة بحيادية أكثر لا سيما إذا كان الحديث عن رجل اقتصاد. لكنه عندما سئل عن أسباب صمته واختفاءه أشار إلى كتابه الصادر عن دار الشروق، لذلك حاولنا في ألترا صوت تلمّس وتوضيح بعض المعلومات من خلال هذا التقرير، إلى جانب عرض السياسات المالية والمشروعات العملاقة لرجل الاقتصاد الغامض، وإرهاصات إستخدامها على الوضع المصري آنذاك، ومقارنتها أيضًا بالنتائج مع الوزرات السابقة والتالية له.
ولد كمال الجنزوري يناير كانون الثاني في عام 1933 في مركز الباجور بمحافظة المنوفية، وحصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة ميتشجان الأمريكية، ثم عيّن أستاذًا للاقتصاد بالعديد من الجامعات المصرية.
تخرج كمال الجنزوري فى كلية الزراعة يونيو حزيران عام 1957، يقول إنه انتظر بعد ذلك أن يلتحق بالجيش لأداء الخدمة العسكرية فى أكتوبر تشرين الأول من نفس العام ليبقى عام ونصف لزم أن يقضيها مواليد عام ميلادىه بالكامل، على غير ما سبقها أو تلاها حيث كانت ومازالت مدة التجنيد لذوي المؤهلات العليا عامًا فقط.
وفي كتابه الذي يحمل عنوان "طريقي.. سنوات الحلم والصدام والعزلة" يقول الجنزوري "لهذا أسرعت فى البحث عن عمل قبل إلتحاقى مجندًا بالجيش، وعينت فى وظيفة اسمها أفضل كثيرًا من ميزاتها واختصاصاتها، وهى خبير الغلال فى فرع لبنك الائتمان الزراعى في مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، وكان زميلى فى التعيين والمكان السيد محمود دبور، الذى وصل فيما بعد وكيلًا لمجلس الشعب".
تنقّل في العمل السياسي والاقتصادي حيث بدأً من شغله منصب وكيل وزارة التخطيط عام 1974 ثم مدير معهد التخطيط عام 1977 ثم تم تعيينه وزيرًا للتخطيط بأمر من الرئيس المخلوع "مبارك" عام 1982 حتى أصبح بعد ذلك وزيرًا للتخطيط والتعاون الدولي عام 1984 ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء ووزير التخطيط والتعاون الدولي عام 1986، وكان خلال رئاسته للوزراء يحمل إلى جانبها ما يقرب من 6 وزارات يشرف عليهم بشكل رسمي.
تولى رئاسة وزراء مصر مرتين واحدة في عهد الرئيس المخلوع "مبارك" ما يقرب من أربعة سنوات، والأخرى في ظل سيطرة المجلس العسكري لإدارة شئون البلاد بعد ثورة يناير واستمرت أقل من عام.
"لا إنجاز بغير علم، ولا تطور بغير تخطيط". كانت تلك كلماته المفضَلة للإدراة الناجحة، الأمر الذي ربما يفسّر ذلك العمل المتواصل بعد إنتهاء خدمته العسكرية وبداياته كموظف بالدرجة الخامسة في وزارة التخطيط فى أغسطس آب 1967 أثناء إضطرابات شديدة بسبب هزيمة عبد الناصر في نفس العام.
ولكن مع بداية أبريل نيسان 1968 تتابع على التشكيلات الوزارىة وزراء جدد، وضمّت الوزارة وجوهًا جديدة من أساتذة الجامعة كالدكتور عبدالعزيز حجازى والدكتور سيد جاب الله، الذى كان يعرف الجنزوري جيدًا منذ كان مشرفًا على رسالته للماجستير، وعند عودته من الولايات المتحده طلبه للعمل بمكتبه والدخول لأول مرة لأروقة العمل في الوزارة.
الجدير بالذكر إن مكتب وزير التخطيط هو المشرف العام على إعداد الخطة الوزارية كاملة ومتابعتها، حيث تتقدم كل قطاعات الوزارة إلى مكتب الوزير المقترحات اللازمة لإعداد الخطة ومتابعتها لوضعها فى شكلها النهائى لكنّه رفض وضع خطط خمسية بها بحسب كلام الجنزوري.
أول مسئول يتهم المسئولين!
أيضًا يتحدث في كتابه لأول مرة كمسئول في تلك الفترة ويكشف عن أبعاد القضية التي خربت بيوت عدد كبير من المصرييين التي تخص شركات توظيف الأموال، كما يوضّح كيف أن الدولة تكاسلت عن إصدار قانون يحمى أموال المودعين بالرغم من إنه كان مسئول ضمن هذه الحكومة، وأن هذه اللا مبالاة أدت إلى قيام بعض الشركات بتهريب الأموال للخارج.
جاء في جريدة المصري اليوم على لسان الجنزوري "إنه قبل أن ننهى عهد حكومة الدكتور عاطف صدقى، وننتقل إلى بداية 1996 وحكومة جديدة تشرفت برئاستها، لابد أن أذكر بعض الأمور التى كان لها أثرها على الكثيرين من المواطنين، وهم من أودع أموالًا فيما يسمى شركات توظيف الأموال، والتى رتبت قضية كان لها آثار سلبية شديدة على عائلات وأسر عديدة، وأذكر أنه بدأ الحديث عن هذا الأمر فى نهاية 1988، كانت الصحافة تنشر والحكومة تجتمع وتعلن أنها بصدد إصدار قانون جديد ينظم توظيف الأموال، طلبت فى الاجتماع الأول من د. عاطف صدقى أن ننتهى من إصداره فى أيام قليلة، وتجريم هذه الأمور، وتوفير الضمانات اللازمة للمحافظة على أموال المودعين، ولكن للأسف وكشأن أمور أخرى، طالت المدة عدة شهور حتى صدر القانون وبدأ تطبيقه فى أوائل عام 1989.
كما تبيّن حينما صدر أن عددًا من أصحاب شركات التوظيف حوّل إلى الخارج مئات الملايين من الدولارات خلال الشهور التى سبقت صدوره، وأعتقد أنه لو صدر القانون فى الشهر الأول من بداية الحديث عن توظيف الأموال، لمنع خروج هذه الأموال، وعولجت مشاكل المودعين بشكل أفضل، ولكن استمرت معاناتهم لسنوات طويلة، بعد أن دمرت بيوتا وأسرا كثيرة، حيث تلاشت مدخرات الكثيرين الذين أغراهم الربح العالى، ولم يفطنوا إلى حقيقة اللعبة التى تتلخص فى (تلبيس طاقية ده لده)، أى دفع الربح المبالغ فيه من أموال المودعين الجدد وهكذا، وطبعا عند أول تعثر تنكشف الشركة وتضيع الأموال".
في أول حديث له في مجلس الشعب بعد الثورة أثناء فترة الإخوان المسلمين قال الجنزوري "رأيت وجوهًا غير الوجوه، أنا أيضًا ظلمت مثلكم" كمال الجنزوري رغم ظهوره القليل إلا إنه لا يظهر إلّا ويتهم الإرادة السياسية بإعتباره الوزير الثائر الذي رفض مرافقة رئيس وزراء إسرائيل وإنتهى أمره في مجلس الوزراء، بالإضافة للمحاولات العدية التي قام بها عاطف صدقي لإزاحته من دائة صنع القرار قبل أن يصبح رئيسًا للوزراء. كما ينفي دائمًا علاقته بمجلس الشعب أو الانتساب له آنذاك، ربما تشعر إنه كان وسط هؤلاء على غير رغبة منه.
في نفس السياق يتهمهم بتحطيم أفكار مشروعاته التي يصفها "بالعملاقة" ويتحدث عن وجود رؤية حكومية أو رئاسية واضحة أثناء تواجده في الحكومة بعكس ما يتهمه البعض.
على ما يبدو إن الربط بين مشروع الجنزوري سواء الذي انتهى في أواخر تسعينات القرن الماضي أو الذي كان يود عودته بعد ثورة 25 يناير المصرية هو تحقيق الأمن الداخلي والخارجي بعدم الإعتراض أو المناقشة فيما يعرضه من مشاريع، باعتبار ذلك جزء من وعيه الاقتصادي المرتبط بإعداد خطط خمسية وعشرينة؛ مثلما حدث مع مشاريع توشكى وشرق العوينات ودرب الأربعين وغيرها.
لم يقبل نقده أو معارضته أثناء وجوده كرئيس وزراء لا سيما في قلب السلطة كما يؤكد الصحافيين والباحثيين أمثال عبد الله السناوي وعادل حمودة وغيرهم. فهو رئيس الوزراء ويشرف على وزارة التخطيط والأزهر والحكم المحلي والتعاون الدولي، ورئيس 12 لجنة وزارية مشتركة وعضو للمجلس الأعلى للسياسات، ربما كان رجل يمثّل دولة بمفردة.
الجنزوري وصندوق النقد.. من المسئول عن الخصخصة في مصر؟
يبرّر الجنزوري خفض عجز الموازنة، بعد أن بلغ نسبة كبيرة نحو 22 ٪ من الناتج المحلى. وكان يتطلب علاج ذلك خفضه خلال السنوات اللاحقة ليصل فى نهاية الإتفاق إلى نحو 1% الأمر الذي يحتاج إلى ترشيد الإنفاق وزيادة الإيرادات، بالإضافة إلى فرض ضرائب جديدة. بالتالي بدأت إجراءات "الخصخصة" وصدر لذلك قانون 203 الخاص بقطاع الأعمال العام. وكانت مطالب الصندوق لا تتوقف عند الإسراع في التنفيذ ولكن أن يبدأ الجنزوري بالمشروعات الكبرى بغض النظر عن أهميتها أو ربحيتها للمجتمع، وأيضًا بيع أو خصخصة أحد بنوك القطاع العام مثل بنك الإسكندرية أو بنك القاهرة. الأمر الذي دفع البنوك للعمل على التيسير بشكل غير آمن للإقراض حتى تتمكن من سداد العائد للمودعين. كما يحمّل الجنزوري مشلكة عدم سداد القروض إلّا الفترة السابقة له وليس إلى سوء إدارته الاقتصادية واستثماراته التي إستهلكت جزء كبير من أموال لم يتم الإستفادة منها فيما بعد ناهيك عن تحذيره من الخوض فيها قبل الدخول فيها، فمشروع توشكى (الذي قال البعض إنه فكرة الإسرائيلي "شيمون بيريز" تاركين سيناء وتركة السلام والطريق الصحراوي) أو شرق العوينات على سبيل المثال الذي ترك من أجلهم مشروعات أهم وأفضل بحسب آراء الباحثين لم تجني منه مصر حتى الآن أي شيء.
مرة أخرى نعود إلى الإتفاق مع صندوق النقد الدولى الذى بدأ رسميًا فى يونيو عام 1991 واستمر ستة أشهر، لنواجه المراجعة الأولى من جانبه، للتأكد من تنفيذ ما اتفق عليه، ثم المراجعة الثانية بعد سنة. وبدأت المشكلة مع الصندوق حيث تأكد لبعثته توحيد سعر الصرف وخفض عجز الموازنة بالمزيد من ترشيد الإنفاق والمزيد من الرسوم والضرائب، ولكن الخصخصة لم تحرك إلا قليلا، إذ لم تتم رغم حرص صندوق النقد الدولى كل الحرص على أن تتم خصخصة أحد بنوك القطاع العام، فتوقف ذلك الاتفاق؛ أي أن الأمر كان واضحًا سواء لحكومة الجنزوري أو عاطف عبيد برغبة صندوق النقد الواضحة للخصخصة بدون رفض أيًا منهم بإعتبارها أمر جيد ضمن سياسات رأسمالية كثيرة لم تجني منها مصر فائدة.
يقول الجنزوري في الجزء الثاني من كتابه مصر والتنمية "حاولنا فيما بعد أن نعيد التفاوض مع الصندوق، وتم إتفاق جديد معه فى 20 سبتمبر من عام 1993. وحاولت بعثته مرارًا إجراء خفض جديد لسعر الصرف للجنيه المصرى مقابل العملات الأجنبية، ولكن لم نوافق على ذلك. وأيضًا محاولات بديلة لخفض قيمة الجنيه المصرى بما يطلق عليه " Convertibility" أى يصبح الجنيه المصرى قابلًا للتداول فى الخارج. ولهذا الأمر مخاطر كثيرة، حيث سنواجه العديد من العملات المصرية المهربة إلى الخارج، يستخدمها الجانب الأجنبى ليدفع رسوم قناة السويس مثلا، أو يسدد بها السائح العربى والأجنبى التكلفة، وأيضًا التوسع فى الإستيراد وتقديم عملة مصرية".
طلب صندوق النقد من كمال الجنزوري بحسب روايته للتليفزيون إلغاء دعم المبيدات والأسمدة خلال فترة لا تتجاوز ثلاث سنوات إلا إنه رفض الموافقة على هذا المدى الزمنى، وطلب ألا يقل عن خمس سنوات، حتى لا يتأثر الإنتاج الزراعى، ولكنه بعد سنة أخرى واجه مشكلة مع صندوق النقد فى تنفيذ الإتفاق الثانى، متمثلة فى أن الخصخصة لم تتحرك بالسرعة المتفق عليها، وأيضًا فترة إلغاء الدعم على المبيدات والأسمدة. إلا إنه يدّعي أن وزير المالية آنذاك يوسف بطرس غالي ذهب إلى وزير الزراعة الدكتور يوسف والى وأخذ منه توقيعًا على أن يكون إلغاء الدعم على المبيدات والأسمدة خلال ثلاث سنوات بدلا من خمس. وحدثت مشاحنات من قبل الطرفين إنتهت بإلغاء الإتفاق مرة أخرى رغم تطبيق الخصخصة الذي استمر!
كيف كانت السياسات المالية لوزير الفقراء المعارض؟
بالرغم من أن الجنزوري عيّن وزير للتخطيط منذ 1982 وأصبح بعد ذلك بـ12 عام رئيسًا للوزراء إلا إنه قال في إحدى البرامج التلفزيونية " أنا مبدأتش 1996 زي الناس ما أتصورت أنا من 1982" وهو ما يؤكد تواجد الجنزوري لما يزيد عن ربع قرن مخطط ومدبّر للاقتصاد المصري، لكنّنا حتى نكون أكثر دقة حاولنا هنا تتبع مسار عمله خلال تعيينه رئيسًا للوزراء أي منذ تشكيل الحكومة في 4 يناير 1996 حتى استقالتها في 5 أكتوبر 1999 على مدار 1470 يوم بالتحديد.
بدا مشروع الجنزوري كرئيس للوزراء على أساس واضح هو تعظيم السياسات التنموية كأساس محوري للعمل وحول رفعة الإنسان المصري فهل فعل ذلك بالفعل أو اقترب من فعله؟
حتى الآن لا زال الجنزوري يستعجب من فكرة نشر الإعلام بأن الإقتراض زاد بشكلٍ ملحوظ خلال النصف الثانى من التسعينيات، أى خلال فترة حكومته، إلا إنه يتم الإعلام أيضًا بعدم نشر الحقيقة الكاملة أو عدم التركيز عليها، فالحقيقة أنه زاد خلال فترة حكومة الدكتور "عاطف صدقى" أي خلال الوزارة السابقة له، وعلى وجه التحديد خلال عامى 1991 - 1992 عندما تقرر "توحيد سعر الصرف" فقد لزم معه اتخاذ بعض الإجراءات لإيقاف ما يسمى "الدولرة" أى زيادة الإقبال على بيع الجنيه المصرى لشراء الدولار، لهذا زاد سعر الفائدة زيادة كبيرة حتى وصل إلى نحو 20٪ على الجنيه المصرى.
لا نستطيع القول إن الجنزوري ينفي كليًا زيادة الإقتراض في عهده لأن الأرقام تقول غير ذلك، لكنه يعتبر الفتره السابقة له كانت السبب الأساسي الذي لا يستطيع تفاديه، بالتالي يجعل الأرقام التي توضح زيادة الإقتراض إرهاصًا لحكومة عاطف عبيد.
مثلًا لم تفرض الحكومة ضرائب أو رسومًا جديدة بل سارعت إلى تخفيض تلك الضرائب وإلغاء الرسوم. كما تمكّنت من إقامة 1500 مدرسة وإستكمل بناء بعض المستشفيات.
لجأت شركات القطاع العام بالإشتراك مع البنوك وشركات التامين وبعض الهيئات الأخرى بإنشاء شركات مشتركة بلغ صافي أصولها نحو 113 مليار جنيه وبلغت رؤؤس أموالها نحو مليار جنيه وعليها بطبيعة الحال قروض من البنوك. كما تقرر السماح للقطاع الخاص بالإشتراك في المشروعات القومية العامة
أيضًا سعت الحكومة للحفاظ على المال العام بالحد من شراء السيارات والأثاث وإقامة المباني والمكاتب الفاخرة، كما حظرت تمامًا إنفاق المال العام في التهاني والتعازي وغير ذلك من أوجه المجاملات وتقنين عدد المسافرين لأداء فريضة الحج بحيث لا يزيد عددهم عن 30 فرد.
وبعد أن كانت الزيادة في الدين المحلي الحكومي خلال النصف الأول من التسعينات 94% في يونيو سنة 1995 أي السنة الأخيرة لحكومة عاطف صدقي مما كانت عليه في يونيو 1991 انخفضت إلأى 40% في يونيو 1999 آخر سنوات حكومة الجنزوري وذلك بالمقارنة بما كانت عليه في يونيو سنة 1995 ولكن الدين المحلي الحكومي حقق زيادة كبيرة بعد ذلك لتصل إلأى إلى 99% في يونيو 2004 السنة الأخيرة لعاطف عبيد مقارنة بما وصلت إليه 1999. بينما قفزت الزيادة في هذا الدين قفزة هائلة لتصل نسبتها 250% في يونيو 2010 السنة الأخيرة لحكومة أحمد نظيف بالمقارنة بما وصلت إليه في يونيو 2004
وفيما يتعلق بالدين الخارجي فقد انخفض من 32 مليار دولار في يونيو 1991 إلى 28 مليار دولار في يونيو 1999 ولكنه عاود الإرتفاع بعد عام واحد من ذلك.
وقامت حكومة الجنزوري من أجل التخفيض على محدودي الدخل بزيادة معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي فأرتفع من 3,5% سنة 1994 إلى نحو 6,0% سنة 1998 ولقد تحقق ذلك من مختلف القطاعات السلعية كالزراعة والصناعة والتشييد وهي بدورها تستوعب غالبية القوى العاملة، بما تحقق دخولًا لهذه القوى تزيد سنة بعد أخرى مع زيادة الناتج.
وصل عدد موظفي الحكومة ولقطاع العام إلى 5,5 مليون عامل، وظهرت محاولات رفع مرتبات الأقل دخلًا ورفع المعاشات بمعدل من 10% إلى 15% وإلغاء ضريبة الدخل على العاملين بالخارج، وخفض سعر الفائدة على القروض من بنك لاإئتمان الزراعي للمزارعين من 11% إلى 7% وتحمل الدولة ذلك
كان حصيلة هذا كله وغيره من الإجراءات والتشريعات المماثلة أن أصدر البنك الدولي تقريرة الدوري سنة 2000 مشيرًا إلى معدل الفقر في دول العالم النامي الذي أظهر إنخفاض الفقر في مصر من 21% سنة 1996 إلى 17% سنة 1999 بنحو 1% سنويًا.
السياسات المالية في عهد الجنزوري كان هدفها كبح التضخم الذي وقعت فيه الحكومة قبل رئاسة الجنزوري وبعده. بلغ إجمالي الودائع مع نهاية فترة الجنزوري ما يقرب من 201,8 مليار جنيه، وإذا استبعد منها الودائع الجارية سوف تصل إلى نحو 182 مليار جنيه مقابل نحو 121,5 مليار جنيه في بداية إستلامه الوزارة وبلغ الإئتمان 153,9 مليار في مقابل 81,8 في بداية فترته. وفيما يتعلق بالرصيد الأجنبي فانخفضت الأصول في البنك المركزي بنحو 68,6 مليار 67,8 مليار جنيه وإلى نحو 60,4 مليار في أواخر فترته كما زادت الودائع بالعملة المحلية بنحو 60 مليار جنيه مع زيادة الإقراض بنسبة 51,8.
إجمالًا فإن الدين المحلي الحكومي وصل في نهاية حكومة الدكتور نظيف نحو ضعف ما كان عليه في نهاية حكومة الدكتور عبيد ونحو خمسة أمثال ما كان عليه فترة الجنزوري.
إذا استعرنا مصطلح الفيلسوف الاقتصادي كارل ماركس الذي يقضي "بالحتمية التاريخية" التي ينحصر داخلها الإنسان، فإن السياسات التي إتبعها كمال الجنزوري كانت على نفس الخط التي ابتعها رؤساء الوزراء قبله وبعده بتدخلات طفيفة أقل فسادًا وعشوائية، بالتالي إذا أنتصرت الأرقام له فهذا لا يعني أحقية إعتباره الأفضل عمومًا بالرغم من كل إنجازاته التي ذكرناها والتي ضاع مقابلها إنجازات وأموال تفوق التهليل لها.






تعليقات