top of page

aboutMe

Egyptian writer and photographer, graduated from the Faculty of Media and Communication Arts, Radio and Television Department, interested in writing in philosophy, literature and film criticism.

كيف يرى الفلاسفة الحُب؟

  • صورة الكاتب: Hossam Elkholy
    Hossam Elkholy
  • 21 يونيو 2018
  • 14 دقائق قراءة



"ساسة بوست" رُبما يرفض بعض الفلاسفة وقوع الإنسان في الحُب لأسباب هي نفسها التي تجعل الآخرين يقبلوه، نحاول من خلال هذا التقرير أن نستعرض مجموعة آراء لأشهر فلاسفة العالم عن >الحُب< كما نتحدث عن التجارب العاطفية في حياتهم وكيف أثرت في تشكيل آراءهم؟ ونحاول أيضًا الحديث عن مواقف شديدة الخصوصية في حياة هؤلاء.



هايدجر وحنة أرندت.. حُرية الحُبْ أم حُب الحرية؟

قال هايدجر في رسالته لتلميذته >هذا ما إنتِ عليه بكاملك وما ستظلين عليه، وهكذا أحبك< من يعرف هايدجر يعرف كتابه الشهير الكينونة والزمان الذي كتب فيها مغامرته العاطفية مع تلميذته حنة أرندت وقال إنها كانت مُلهمته والأكثر مُلائمة لحياته. >أرندت< حوّلت هايدجر من مُفكر أنطولوجي إلى فيلسوف عاطفي على حد قوله.


قال هايدجر إن >الحُب والكُره< يُشكّلان المعرفة، يُعني ذلك إن الإنسان يحمل في داخلة >القُدرة على السمو< التي تضعه في علاقة مع الأشياء ومع الآخرين ليكون مفتوحًا على العالم ويختار بنفسه ما يُحب وما يكره.


يُسهب هايدجر في شرحه إننا يُمكننا تغذية الكراهية ولا يُمكننا تغذية الغضب. فالحُب والكراهية لا يستلزمان وقت أطول فقط، بل إنهما كما يقول هايدجر الشعوران الأصليّان الوحيدان اللذان يحملان مسافة زمنية واستمرارية حقيقية في وجودنا.


ذلك المعنى وبحسب هايدجر يُمكن للعاطفة أن تجعلنا واثقين من أنفسنا أكثر وتجعلنا أيضًا نشعر بالسيطرة على العالم حولنا. تتفق معه في ذلك >حنة أرندت< حيث أكدت نفس المعني بعبارة أخري حين قالت "إنه لا شيء يقودنا نحو قلب العالم النابض مؤكدًا أكثر من الحب".


قالت حنة أرندت أن ارتباطنا بشخص ما يُعني أن نخوض تجربة الحياة الأكثر خصوصية. بحيث يكتشف كلا الطرفين كيانهم الناقص. وإنه كان لِزامًا لنا وجود هذا الآخر أو الحبيب. لأنه هناك كيان آخر يُعطينا من إمكانياته ومن عالمه ومن وقته، أيضًا ويوفّر لنا أن نظل مُحاطين بالغموض، فيكون القريب نتيجة معرفته بالأشياء الأكثر خصوصية لنا، والغريب كونه لا يزال >آخر<. أي إنه بالرغم من كل القرب الذي يجمعني به، أتعامل مع هذا الآخر كشخص مختلف عني، وأُفكّر كيف يشعر الآن؟ وماذا يريد رغم ما بيننا من قُرب.


كُل هذا >الحُب< جمع بين استاذ جامعة مُتزوج ولديه طفلين وبين تلميذته التي تصغره بسبعة عشر عامًا. قال لها هايدجر دائمًا إنه يجب أن ينفتح كلً منهم على الآخر ويتركوا الأمور تسير على ما هي عليه، إذ يجب على كل منا أن يتعامل بحرية مع الآخر ومع العالم من حوله، أنت تُحب الآخر كما هو بلا تغيير.



رُغم ذلك لم يُغير هايدجر في النهاية مسار حياته من أجل حنة أرندت فهي على حد قوله >كانت تُريد المزيد، أن تكون مِلكُه وأن تعيش بجانبه، بينما أراد أن تكون حُبه الأناني، وأن تظل مُلهمة ابتكاراته النظرية أما مسألة أن يترك زوجتة فلم يتقبل مُجرّد النِقاش فيها< لذلك قررت حنة وقتها أن تُنهي تلك العلاقة العابرة وترحل.


يَمُر الوقت ويجد هايدجر رسالة من حبيبته أرندت قُبيل زفافها تقول فيها >لا تنساني< ظلت الفتاة تُحبه حتى إلتحق بالحزب النازي آنذاك ما جعل مُعاداة الطفلة للنازية تعتبرة مات في نظرها. كان ذلك في الوقت الذي ظهر لهايدجر أكثر من علاقة تجمعة مع تلميذات وشاعرات أيضًا يبعدُهم فارق عُمر كَبير.

المُفارقة المُهمة هُنا أن هايدجر رغم تعدّد علاقاته ورغم إننا قد نعتقد أن حنة هي حُب عُمره إلى إن حُب عُمره الحقيقي هي >زوجتة<. كانت >ألفريد زوجتة< تلميذته أيضًا التي تُمثل المجتمع الراقي له كونة كان الفقير ابن خادم الكنيسة.


انجذاب هايدجر ليس حُبًا قدر ما كان انجذاب للتربية والتدين التي كانت تتحلى بِهم على حد قوله. تمّنى وقتها عُش تتجمع فيه هذه الروح الطاهرة والطيبة معه، وكان هايدجر صادقًا مع ألفريد لكن تصوره عن الحُب كان مُختلف. حيث ألفريد هي الأنسب كزوجة، لكنها لا تُلخص العشق >والقدرة على إيجاد الآخر على الرغم من أي شيء ولو لبضع ثواني<.


لا ننسى قبل أن نُطلق حُكمنا على هايدجر كونه ظلم الفتاة البريئة ألفريد أن نُبيّن اعترافها بشأن إبنهما الثاني هيرمان الذي كان الابن البيولوجي لصديق طفولة هايدجر >فريدل كايسر< ولا يفوتنا هُنا ما قاله هايدجر وقتها لألفريد >أعرف منذ وقت طويل إن فريدل يُحبك< على ما يبدو في الموقف من غرابة إلا إنه يتسق تمامًا مع فاعلة الذي لا يجد مع تعدّد العلاقات إلّا مصدرًا للإلهام.


مرة أخرى بعد خلاف في حياة أرندت الحبيبة القديمة التي لم ينساها يجعلها تعود لأوروبا مرة أخرى. أرسلت وقتها الرسالة الأهم لحبيبها الأول هايدجر تقول إن الإخلاص يجعلنا نتقبل فكرة إن الحياة تستمر على نحو ما في مكان آخر يوجد فيه حبيبي مع شخص آخر والخطيئة الوحيدة التي يُمكن أن يرتكبها الحبيب لحبيبه هي النسيان.. النسيان فقط. لم تكن قصة حنة أرندت ومارتن هايدجر قصة حُب مُخلص على الإطلاق ولكنها كانت قصة الإخلاص في الُحب.



مأدبة أفلاطون.. للرجال فقط

في مكانٍ ما داخل أثينا، مُنذ عدة قرون، في منزل الشاعر أجاتون تُقام هذه المأدبة أو الجلسة الأدبية التي يحضرها مجموعة من الشباب والكهول المُنحرفين جنسيًا والسُكارى أيضًا. اختار أفلاطون من خلال هذه المأدبة الفكرية أن يعرض آراءه عن >الحُب<. واختار سقراط من خلالها أن يُمثل الصوت النسائي في الجلسة، فهو يقدّم رأيه على لسا السيدة >ديوتيم دومانتيني< مُدعيًا بذلك اكتشاف حقيقة الحُب دون غيره من الجلوس.


يتساءل سقراط إننا إذا اعتبرنا الإنسان لا يرغب إلّا في ما لا يملكُه، إذًا لماذا نعتبر الحُب تعبيرًا عن الخير والجمال؟ رُغم إنه بالنسبة لسقراط لا يتعدى فعل حقير أناني.كما يتساءل سقراط لماذا لا نرى من الحُب سوى جزء صغير تمامًا.


يقول سقراط إن الخطأ ينشأ من اعتبار وجود الحُب مُتحققًا حين >نُحَب< وليس حين >نُحِب< وأن إدراك الحب عمومًا من وجهة نظره يتعلق بالسؤال الأساسي؛ لماذا أُحِب؟ بدلًا من سؤال لماذا أُحَب؟

كما يرى سقراط أن الإنسان يتطلع للخلود رغم يقينه بالفناء فالحُب عند سقراط هو حُب الجمال عمومًا؛ الذي يجعل الحياة تستحق أن تُعاش هو أن نشعر بالجمال عمومًا>.


في المقابل يعرض أفلاطون تصوره عن ما يُسميه ذرية الحُب. يقول إن الآلهة اجتمعت في يوم ولادة >أفروديت< بحديقة زيوس وكان بينهم >إكسبديون< ابن آلهة الحِكمة، بالإضافة إلى المرأة الفقيرة المتسولة التي كانت تجمع الفُتات مستغلة نوم الإله >بورو< وابنه الذي ثَمِلَ من شُرب الخَمر. هكذا نشأت هذه الذُرية. الأم ليست جميلة ورقيقة كفاية بالإضافة إلى كونها فقيرة لكنها تحت مراقبة والدها الفيلسوف العاطفي عاري القدمين الذي يُمثل الخير والجمال.


أشار أفلاطون أن الإلة أيروس هنا هو ما يُشكل هذا الاحتياج أو الفقد الذي نشعر به والذي يحثّنا على البحث عن شخص آخر. حيث يعتبر أفلاطون >الحُب< بأنه تلك القوة والطاقة التي تُساعد الإنسان على بلوغ الخلود الأوحد. إما بالأبناء أو بالإنتاج الأدبي كلٍ منا يختار طريقة خلوده الشخصي.


يتدخل الصديق أريخياموس ويقول إن >الحب< يدفع الإنسان نحو التصرفات الصائبة؛ فالإنسان لا يستطيع أن يفقد شرفة أمام محبوبة حتى في لحظات الموت. وأن جيشًا من العشاق قادر على هزيمة جيش لا يُهزم. لأنه يعتبر أساسًا علاقة بين الإنسان وربة، يحمل الإنسان بداخلة صورة هذا الرب الإعجازي الذي يحثّه على الاحتفاظ بكُل جميل.


لكن يُعارضه الشاعر أرستوفان المعروف بعدائه الشديد لسقراط بقوله إن البشر أنصاف ومشوهين، ويحاولوا أن يجدوا أنصافهم الأخرى ليتّحدوا ويتبادلوا الأحضان >فالإنسان في الأصل كيان ناقص وعليه أن ينطلق بحثًا عن نصف البرتقالة لعلّه يجد السلامة في ذلك النصف الآخر. فنحن كبشر دائمًا ما تبحث عن >توأم الروح< الذي يعيدنا لطبيعتنا الأولى مرة أخرى.



فريدريك نيتشه: نعم أنا قتلت معشوقتي كارمن

>>يتمثّل الجُرح في عدم سماع إجابة ولا أقل من ظفرة إجابة، وأن تحمل منفردًا؛ في وحدة مُرعبة، الحِمل الذي طالما أردنا مُشاركتة والذي طالما تمنينا أن نُلقيه على آخرين"، قال نيتشة ذلك في خطابه لصديقه تلخيصًا للحالة التي كان يَمُر بها ومن هنا نود الحديث عن الحُب عِند نيتشة.


توضّح لنا مسرحية أوبرا كارمن لجورج بيزيه التي قدّمت عن رواية تحمل نفس الإسم التّصور المثالي للحب في عقل نيتشه. القصة تحكي عن الفتاة التي قُتلت حتى لا تكون أسيرة للشخص الذي تُحبه. بالتالي >الحُب< بالنسبة لنيتشة يلتهم المُحب ويتمّلكه >حتى الرب جهز الجحيم لأولئك الذين لم يحبوه< لأن الحب يخشى التغيير أكثر مما يكره الدمار.


يُفسر نيتشه الحب أو العلاقة بين الرجل والمرأة بأنها ترتكز على >عدم مُساواة<، فالرجل يمتلك والمرأة تمنح نفسها، ثم يهاجم المرأة التي تُخفي قوتها وراء طبيعتها الضعيفة وهذا السبب فقط هو ما يجعلها ترفض قانون الأقوى وتحاول القضاء عليه بغوايتها الرجل. هدفها الرئيسي هو وجود طفل ما يجعلها أُمّ، إذن العلاقة بين الرجل والمرأة نفعية مُستترة، يبحث الرجل عن الرجل المثالي في المرأة، وتبحث المرأة عن المرأة الأمثل في الرجل.أي إننا لكي ننجح >نحن< لا بد أولًا أن نفهم >أنا< بوضوح.


>من أي نجم سقط أحدنا على الآخر< هكذا قال نيتشه البالغ من العُمر 38 عامًا، إلى تلميذته >لُو< ذات العشرون عامًا، وأراد الزواج منها لولا رفضها لفكرة الزواج عمومًا. المفارقة إنها حققت بذلك الرفض ما كتبه نيتشه نفسه قبل ذلك طالبًا من المرأه أن تكون هي اللعبة الأكثر خطورة للرجل، على ما يبدو هو نفسه السبب الذي جعله يُحبّها دائمًا.


لا نعلم إلا الآن لماذا أراد نيتشه الزواج رغم مُعارضة ذلك لما كتبه في إنساني مُفرط في إنسانيتة وهو إن الروح الحُرة تكره كل العادات والقواعد وكل ما هو نهائي، واعتبر خصومة النساء لطيفة بالنسبة لرجل ينطلق في بحور المعرفة. هو يقدّر الحُب لكنه يكرة سُلطة الكنيسة والزواج لأن ذلك يُحول العاطفة أو >الحُب< إلى كيان مؤسسي.


يَعتبِر نيتشة الزواج أسر يُقيد الفرد، حيث أكد على منع أي شخص حين يكون عاشقًا أو >مُحبًا< أن يتخذ قرارًا يكون مُلزمًا له طوال حياته. لكنّه استثنى هذه الحُرية التي يُهدّدها الزواج في حالة وحيدة، أن يكون قائم على الصداقة والإحترام المُشترك، لأن العاطفة والجنس وروعة الأيام الأولى أشياء مؤقتة. وعلى المرء أن يسأل نفسه أولًا هل يستطيع أن يظل مع المرأة التي اختارها حتى في شيخوختهم؟


يرى نيتشه أن الحُب شعور >أناني<، فنحن >نُحب< لأن ذلك يُشعرنا بالرضا ويثير فينا أحاسيس المُتعة التي نرغب بها، ونُعطي لأننا نشّعر أننا مُحَبّون وهكذا فسعادتنا أنانية نوعًا ما. رُبما لذلك وافق على اقتراح حبيبته؛ أن تعيش معه ومعهم رجل ثالث _صديقه ريكليه_ في بيت واحد لأنها تُحبهم معًا.


رغم ذلك أيضًا قال نيتشه حينها إنه شعر بقلبه يصعد إلى عقله وقرر رسم حبيبته >لو< تُمسك سوط في يدها وتعتلي عربة يجرها مُفكران _هو وصديقه_ رمزًا لخضوعهم الكامل لهذه الصغيرة. واعترف بعدها إنها لا تُحبه كما يُحبها، وإنه لم يعنِ شيئًا لها غير كونه مُجرّد برهان على الذوق الجيد.


صارع نيتشه الوحدة كثيرًا لكنه بعدما تجاوز ذلك أيقن بعدها أن >الحب< هو المخلوق المحوري لكل شيء فالأمرلا يتعلق بعادة أن نحيا بل بعادة أن >نُحب<.



سارتر وسيمون دي بوفوار: زوج من الكلمات والأفكار

كتب سارتر لحبيبتة دي بوفوار>>ها هنا أساس فرحة الحُب حين تتوفر، حين نشعر أن وجودنا مُبرّر، أن أصير محبوبًا فأنا لم أعد عُنصّر مُنفصّل عن أساس العالم، أنا ذلك الذي عن طريقة يرى شخص آخر العالم، أن أكون محبوبًا فأنا أصبح العالم نفسه. ماذا يُمكن أن نضيف أكثر من ذلك؟ فلم يحدث أن كشفنا عن ما يدفع رجال ونساء إلى أن يلقوا بأنفسهم ببوهيمية وبشكل مُتواصل نحو شعور يدمّرهم أحيانًا، ويُضلهم غالبًا، ويُنقذهم في أندر الحالات.


كانت الفتاة الفقيرة دي بوفوار قبل عِلاقتها بسارتر تتألم من أفعال والدها >السُلطوي< وما يفعله معها، تُحب شاب جميل كمل تصفه، لكنّه لا يرى النساء إلّا كمُتعة جنسية، يُمكننا الاستماع وقضاء وقت سعيد معهُم. وتركهم بعد ذلك. بالطبع تركها بعد حصولة على الشهادة.


و>سارتر< الذي لم يتعدى طوله الستون سنيمتر بعد المائة، الرجل الذي تركته خطيبته أيضًا؛ وأثر ذلك الكبير علية، اعترف بعد ذلك إنه شعر في وقت ما شعور يسمونه >الغيرة< تجاة تِلك الفتاة التي تركته.

على ما يبدو كان الأمر مُهيئًا للإرتباط، وقتها اختارت الفتاة دي بوفوار الفيلسوف سارتر رُبما نكاية في الشاب ليس إلا، أو رُبما حُبًا في فلسفة ذلك الوالد الكبير؛ ورُبما على حد قول محمود درويش >كان شاعرها وهذا كُل ما في الأمر< كانت دي بوفوار تُعرف حبها على إنه >الخزي الرائع أمام من تجاوزها للمرة الأولى<.


كزّوج من العشاق نجيا من العادات والتقاليد المُجتمعية >المُزعجة<. يتساءل النُقاد هل كان حُبًا ذلك الذي جمع هؤلاء أم ماذا؟ لا نعلم، لكن نعلم الإتفاق الذي تم بينهم حيث الحرية الجنسية والعاطفية لكلٍ منهم. عبّر سارتر عن ذلك أمام الناس أن ما بينهم هو >حُب ضروري< بينما يجب على المرء أن يمر بحب عابر من وقت لآخر. السؤال المُهم هنا كيف يتأقلم الشريك الثالث هذا مع هذا الإتفاق؟ والأهم من ذلك كُله كيف يُمكن للحُب أن يُصبح عارض أساسًا؟


أثناء علاقة سارتر بـ دي بوفوار كان الرجل على علاقة أيضًا مع (أولجا) وعلاقة غيرها مع أختها (واند). في خطاب كتبه سارتر لدي بوفوار أكد أنه يشنق كُل >حب< أو عاطفة يشعر بها بدافع من الخوف. وصف ذلك إنه ربما يقتل الحياة نفسها ليحيا بشكل أفضل أو لمُجرد أن يُنهي عمل أدبي يتحدث عن >الحُب<.


ما كان يُخيف دي بوفوار من الزواج والحُب المؤسسي ويجعله في نظره لا أخلاقي إننا نختار شخص للبقاء معه طول الُعمر أو رٌعب الاختيار النهائي على حد قولها. وخوفها الطبيعي الذي استمر نتيجة سلطوية أبيها. وحَلُمَتْ طوال الوقت ب>حب قائم على الحرية والمُساواة< وكتبت إن >اليوم الذي ستتمكن فيه المرأة من الحُب بقوتها لا بضعفها، لا لتهرب من نفسها بل لتجد نفسها، لا لتمحو بل لتتأكد، لهو اليوم الذي سيكون فيه الحُب للمرأه مثل الرجل؛ مصدرًا للحياة وليس خطرًا مميتًا<.


>>ستظل هذه الحقيقة للأبد، أنني أحببت شخصًا بكل قواي، دون عشقٍ أو روعة، ولكن من أعماقي<< هكذا وصف سارتر علاقتة المُلهمة بتلك الفتاة الجريئة، إذ أنه من المستحيل علينا تقييم >حُب ما< أو بالأدق من الغباء فعل ذلك. الأكيد أن سارتر أحب كثيرًا فالحرية التي يُحققها الحب لسارتر _ولّغيرة_ يعتبرها أهم من الحب نفسه.



إيمانويل كانط.. ممنوع الإقتراب أو التصوير

>حتى العلاقة الجنسية التي يسمح بها الزواج، ينبغي أن نُغلفها بالكثير من التهذيب حين نتحدث عنها في المجتمع المُتحضر< على حد قول كانط الذي يرى الجنس بدون حُب عمومًا يهبط بالمرء لمرتبة الحيوان< ذلك الرجل الذي لم يدخل حياتة لا إمرأه ولا أولاد ولا إنحراف جنسي ولا علاقات غير شرعية مُجرد خادمة عجوز تهتم بأمور المنزل، لكنّه كان >مهووسًا بالموضة ومليء بالمرح.


يتساءل المفكر بوروفيسكي صديق كانط لماذا لم نرى كانط مُتزوج أبدًا؟ وأجاب على ذلك إنه بالفعل كان هناك فتاتين تُناسبانه تمامًا في وقت ما، مال إليهما كانط، لكنه ببُطئ فيلسوف كبير وتردده في اتخاذ قرار مثل ذلك، تزوجت واحدة ورحلت الأخرى. إذًا لم يُنكر كانط احتياجه للمرأه لكن برّر ذلك إنه >وقت إحتياجة لإمرأه لم يكن لديه ما يُطعمها به، وحين امتلك ما يستطيع أن يُطعمها به لم يعد يُريد إمرأه في حياته.

إيمانويل كانط كان يُحافظ دائمًا على الحديث المستمر مع أصدقاءه. وكان دائمًا ما يمدح المرأه التي تهتم بأمور الطهي والمطبخ وأعتبر ذلك هو دورها الرئيسي. حيث تخفيف أعباء الرجل وهمومة بعد يوم عمل شاق بوجبة جميلة >إن ذلك لشرف عظيم< على حد قوله.


كما تجنّب كانط طوال الوقت تبادل الآراء العلمية مع النساء. يقول بروكوفيسكي إنه حتى لو توجهت إليه مرأة لتُصحح هذا المفهوم التقليدي للمجتمع النسائي. وتقول إنه يُمكن للمرأه أن تكون سيدة مُجتمع ومثقفة مثلها مثل الرجل كانت إجابته >إن هذا لم يُغير من الأمر شيئًا<. أي يظل النساء مكانهم في المطبخ.


رُبما لإنه نأى بنفسه عن الزواج سمح له ذلك بالمزيد من التريث في إطلاق أحكامه تجاه هذه القضية. يوجّه كانط أنظار الجميع بإننا علينا أن نتخلص من تلك النظرة التي تعتمد على عرض الرجل وامتناع المرأة للدخول في علاقة؛ ما جعله طوال الوقت يُعرض عن الدخول في علاقة رسمية أو غير رسمية مع إمرأة.



آرثر شوبنهاور.. مُخلص العزوبية الأعظم

تتأرجح الحياة كبندول الساعة يمنة ويسرة من المُعاناة إلى الملل، ففي هذا العالم الذي يَضُم حوذيًا يضرِب الحُصان بقسوة، وآهات ألم تنبعث من نوافذ المستشفيات؛ هو عالم من العبث، ولا يُمكن أن يُعمّره كائن طيب حسن الخُلق لكن ينفعه وحش نيروني يتلذذ بمعاناة من حوله.


آرثر شوبنهاور.


في محاولة وُصفت >بالانتحار< سقط أبيه الذي كان يريد التخلّص من حياة الوحده التي كان يعيشها، رغم كُل الحب الذي كان يُحبه لزوجته والدة شوبنهاور التي كانت مشغولة بعُشاقها وفساتينها أكثر، كانت كاتبة ولديها صالون أدبي ولها روايات تتحدث فيها بفخر عن تعدد علاقتها. رُبما يُفسر ذلك كُره شوبنهاور للنساء عمومًا وللحُب أيضًا الذي اعتبره >ممارسة الجنس لآخر الليل في مكان مُظلم تمامًا<.


يتساءل شوبنهاور لماذا يتبادل هؤلاء الذينن تقولو إنهم يُحبوا نظراتهم الخاطفة بعيدًا عن الناس وفي الخفاء دائمًا إلّا إذا كانوا >خائنين< في نظر الجميع وحتى هما يعرِفا ذلك لا شعوريًا. ويوقن أن السعادة الحقيقية الوحيدة في ألّا يُخلق الإنسان أساسًا لأن الألم والموت يبحثوا طوال الوقت عن ضحايا جُدد.


في كتابه العالم إرادة وتمثّلا يشرّح شوبنهاور نظرته عن الحُب >ويستنكر< فكرة أن امتلاك إمرأه بعينها يُعني امتلاك السعادة الأبدية أو إن فقدان إمرأة بعينها يعني المُعاناة المُستمرة. فبينما يعتقد الرجال والنساء عند الإختيار العاطفي أنهم بذلك مُستّقلون ومسؤولون يكونون في الواقع أسرى حسابات نفعية ومادية تتعلق بجِنسهم. وإنه في اللحظة التي يختار الفرد >توأم روحة< أو كما يقول >سبب كُل عذاباته< يبدو في أكثر حالاته خضوعًا لضرورة حتمية موضوعية .>شكلِ حقير وهي حتمية مُخزية< لأنها تتعلق باستمرارية كابوس تتوارثة الأجيال.


أكّد شوبنهاور في محاضراته على عدم أهلية الكثيرين للحديث عن الحب أساسًا، وتعامل مع نفسه كونه المُجدد إذ ينصحنا جميعًا أن نجعل >الحُب< مُجرد وسيلة رفاهية لضياع الوقت. فهو يكره النساء لإنهم الوسيلة لبقاء الجنس البشري وإعادة إنتاجه، والرجل بالنسبة لشوبنهاور مسكين وضعيف يعيش مع >مجنونة وتافهة< ويجب تدميرها، واعتبارها >جنس ثاني< ويتساءل لماذا نُطللق لفظ الجنس الجميل على تلك المخلوقات القصيرة عريضة الأرداف؟


أسّس شوبنهاور بذلك نظريته بتعدد الزوجات حيث لا يمكننا من خلال ذلك العثور على >عانس< أو عاهرة تجوب الشوارع لتُمارس الجنس نتيجة فقدنها لزوج على حد قول شوبنهاور. ويلفت شوبنهاور أنظار الجميع إلى جمال المرأة المٌبهر في سنواتها الأولى، الذي تخدع به الرجل للوقوع في حُبها باعتباره فخ كبير يمنحه الرب للمرأة لإنجاز حصولها على زوج فقط.


يعلم شوبنهاور جيدًا مدى العداء الذي يُسببه انتقاده للنساء؛ ما جعله يُبرر ذلك مُعتبرًا النساء عمومًا لا تفقه شيء عن >الحُب< وإنه لا يرى أي محبة صادقة بين >ذواتي الشعر الطويل والأفكار القصيرة< أيضًا يُشبّه الخصومة الاستثنائية التي تحدث بين الرجال أبناء العمل الواحد بالخصومة التي تحدث بين النساء جميعًا طوال الوقت، إذ إن المرأه لا تحترم جنسها في الأساس فلماذا تُحترم؟


أيضًا يعترف شوبنهاور إن الرجل لا يستطيع تكملة حياته الجنسية مع إمرأه واحدة، كما لا يُمكن للمرأه أن تُشبع رغبتها الجنسية وتوهجها برجل واحد، على الذين يريدوا الزواج قبول >المعيشة الثلاثية< التي تسمح بممارسة الجنس للجميع على حده،لأنه يعتبر الشهوة الجنسية هي التي تكوّن جوهر الإنسان. هو يُريد للجميع التحرّر والشجاعة في مواجهة المخاوف والأحزان، يجب على الجميع الضحك في مواجهة ملهاة العالم، فالجميع يذهب للموت وبدون >الحُب< تُصبح الأشياء أقل تأثيرًا علينا.



كيركيجارد: الزواج السعيد ذروة الحُب

"ما نتذكره ليس أننا أحببنا المرأة الأجمل في الدُنيا ولا أننا عشنا سُعداء مع الزوجة الأكثر لُطفًا في الحياة، ولكن أننا عانينا كثيرًا من أجل الحقيقة".


كيركيجارد


هناك كائن مائي يغوي الفتيات ويسحرهم ثم يأخدهم معه إلى الأسفل للأبد، في إحدى المرات إلتقى آنيس، الفتاة الجميلة ذات العينين الصافيتين، مما جعله يتردد هذه المرة ويتساءل كيف يستطيع أن يأخذ هذه الجميلة التي استطاعت أن تولِد في قلبه مشاعر حُب كانت مجهولة قبل ذلك؟ قرر أن يُعديها إلى عالمها ويعترف لها بحقيقته الشيطانية، يتركها وهما يتمزقا معًا، ليقينهم بحبهما المُستحيل، ويختفي مرة أخرى في قاع المُحيط.


في كتابة >خوف ورعدة< ذكر كيركيجارد هذه الأسطورة >الخيالية< لتُعبر عما بداخله. ويُعلق كيركيجارد >سقطتُ في أعماق المياة وأصبح كل شيء مُعتمًا أمام عيني، ولكنني بزعت من جديد< ويترك حبيبته هو الآخر رغم حبه المطلق لها.


في خِطابة لريجينا أولسن حبيبته الجديدة كتب كيركيجارد >إذا تعيّن علي أن أصوغ اعترافًا، فأنا أعرف جيدًا أي اعتراف سأكتب، وإذا تعيّن علي أن أكتُب سبع أمنيات، فأنا لا أعرف إلا أمنية واحدة سأكررها سبع مرات، حتى وإن كُنت أعرف أنها تتحقق من المرة الأولى، تِلك الأمنية هي قناعتي الأكثر عُمقًا وهي أن: لا الموت ولا الحياة ولا الملائكة ولا الأمراء ولا أصحاب النفوذ ولا الحاضر ولا المُستقبل ولا أي مخلوق على وجة الأرض يستطيع أن يبعدني عنكِ أو يبعدني عنك.


وبذلك يقع في الحب مرة أخرى، >ريجينا أولسن< الجميلة إهتم بها كثيرًا ودرس معها الموسيقى، وبعد ثلاث سنوات من علاقتهما تقدم لخطبتها وهو نفس اليوم الذي دوّن في مذكراتة أنه ارتكب خطأ فادحًا فـ>بالنسبة لتائب مثلي، يكفي ما لدي من حُزن< على الرغم من كونه هو المُتقدم للخطبة وإنه فعلًا يُحبها.

لم يمضي عام وقرر كيركيجارد إنهاء العلاقة. لكنّ ريجينا هددته بالإنتحار إذا تركها، فاستمرت العلاقة شهر ونصف آخر دون جدوى. قرر الشاب ترك الفتاة وفي يأس تام أخبره أخاه إنه قد >خسر<. لم يرد وقتها لكن بعد ذلك بسنوات كتب له إنه >إذا كان قد أصبح شيئًا فتلك الخسارة هي ما جعلته ذلك الفيلسوف حاليًا<.

يظل السؤال لماذا ترك كيركيجارد حبيبته رغم استمرار حبه لها، حيث كان يُرسل صديقه لمتابعة أخبارها أولًا بأول، يتمنى أن يراها ولا يوافق على ذلك، أيضًا لم يدخل كيركيجارد في علاقة بعدها.


اقتنع كيركيجارد بكونه استثنائي يجب أن يحمل عذاباته مُنفردًا. ففي اعترافاتة قال"من الصعب أن أفهم نفسي بُعمق وسيظل الأمر كذلك لأنني أمتلك قدرة التحكُم في مشاعري وقد يكون ذلك لتعاستي، فعندما أريد أن أُخفيها لا يكون من السهل على أحد أن يقرأ أفكاري".


بنظرة على طفولة كيركيجارد نجده الفتى المُنعزل تمامًا الذي يرفض والده المسيحي الثري المُتشدد خروجة من المنزل لأي سبب، يعيش وحيدًا حتى بدون ألعاب تُسّليه، فُسحته كانت مُتوهمه؛ حيث يجعله أبوه يتخيل خروجه وهو داخل غُرفته. رغم ذلك علّمته أمه التي كان يُحبها أن يُحب والده رُغم ما يفعله.

كان والدة مهووس بكُرّه الرب له، لذلك قرر قتل جميع أسرته قبل أن تبلغ سن المسيح قُربانًا للرب. كيركيجارد دفن بنفسه والدته وخمسة من أخوته. واعترف له والده على سريرالموت إنه ابن الخادمة التي كانت بالمنزل.


أثارت علاقته لحبيبته تساؤلات دينية وعلاقته بربه، وأعادت لذهنه علاقته بوالده، واعتقد أن السعادة الأبدية مُتعذرة عمومًا>فحبه< لفتاة ما أشبة بخروجة من الزمن لفترة وهو يعلم إنه سوف يعود بعد قليل ومعه ألم الذكرى. رُبما يُفسر ذلك اختياره البقاء بعيدًا عمن يُحبهم بالإضافة لخوفه في التعامل مع العالم عمومًا.

رغم تأييدة لفكرة الزواج إلى إنه نأى بنفسه عنها، قال كيركيجارد إن من يستطيع إنجاح زواج هو من عرف بشكل شاعري حل الغرائبية الكٌبرى للحياة في الأبدية، وهو من يستطيع أن يبني مؤسسة ناجحة بعد ذلك.



جان جاك روسّو: وهم الحُب.

>>ما مِن تعلّق من دون قلق يفيض من الأعين، فالمشاعر جميعها مُعَذَبة ومُعّذِبة<< هكذا وصف روسو عواطفة المُختلفة >فالحُب< عند روسو حدث لم يجعله في سعادة دائمة، فهو يقع في الحُب وسريعًا ما يشعر بالذنب، أول مُمارسة جنسية وأول عاطفة واجهت ذلك الشاب كانت مع السيدة وارين التي تكبره كثيرًا، فَرِح روسو بالعلاقة لكن سرعان ما ندِم كثيرًا بعد ذلك. لكنه لم يعرف السبب في ذلك.


نستطيع أن نقول إنه تمنى الحُب ووقع فيه نظريًا لكن كانت تدور في رأسه كل الأفكار التشاؤمية، مُتمثلة في المنافسة الجنسية إلى جانب حُب الذات والإنشغال بالتملك ، والرغبة في مُمارسة الجنس التي يحتقرها روسو ويصفها بأنها >احتياج غير طبيعي< لكنة بارلغم من ذلك يرى أن >الحُب قوة مُعدية تجعلنا نُقبل على تجربة هذا الحدث الغريب والمُشوق الذي يجعل من الأشخاص؛ أشخاص آخرين<.


أوضح روسو فرضيته التي تُعارض ذلك في إطار خوف وتردد حين قال>إن العِبرة من الحُب شعور اصطناعي، ولّده استخدام المُجتمع له واحتفت به النساء ووفرت له الكثير من العناية ليُخضعوا الرجال لمملكتِهن ويصبحوا الجنس المُسيطر< لذلك كان من الأفضل من وجهة نظر روسو أن نُحب من بعيد وأن نبقى وحيدين ونظل كذلك حتى نعتاد عليه.


الحُب يُعد وهم في تصور روسو، لكنه ضروري ومُهم لما يولّده داخلنا من شعور بالجمال يجعلنا نتخلى عن عمل كل ما هو قبيح. حيث قال روسو ذات مرة "إن أكثر النُسّاك ورعًا ليسوا في مأمن من أن يصيروا أطفالًا صغار أمام إمرأة جميلة". مع ذلك هو يرفض التعلق بفتاة ويرفض >الحب< باعتبارة حدث يؤدي لدمار حياتنا كلها. كما يصف روسو الممارسة الجنسية التي تحدث بلا حُب >بالعبودية< التي تُفقدنا احترام ذاتنا.


كتب روسو مرة إنه >على المرأه أن تختار إما الزوج أو الدولة فالمركب لا تحتاج لقائديِن< كما إنه لم يحطّ من قدر المرأة عمومًا لكنّها تكملة أدوار >لُيُشكّلا معًا إنسانًا متكامل< يعتمد الرجل على المرأه في ما ينبغي أن يراه، وتعتمد المرأه على الرجل في ما ينبغي أن تفعله.

 
 
 

Comments


bottom of page