ماذا يعني فوز حسن روحاني بولاية جديدة في إيران؟
- Hossam Elkholy

- 21 يونيو 2018
- 6 دقيقة قراءة
تاريخ التحديث: 21 يونيو 2018

"ألترا صوت" على ما يبدو أن الشعب الإيراني يسير على طريق ثابت في انتخاب قياداته، تحت شعار أن مرة واحدة لا تكفي لرئيس، حيث لم يأتي رئيس لدولة إيران منذ 1985 إلّا فاز بفترة رئاسية ثانية. لذلك يستقيظ العالم اليوم على خبر فوز حسن روحاني المنتهية ولايته، بفترة رئاسة ثانية في إيران، بحسب ما أعلن التليفزيون الرسمي الإيراني، لتكذب مرة أخرى نتائج استطلاعات الرأي التي قالت أن هناك مؤشرات لتراجع أصوات مؤيدي روحاني.
قالت التقارير إنه من بين ما يربو عن 40 مليون ناخب إيراني أدلوا بأصواتهم في الانتخابات، حصد حسن روحاني على أكثر من 23.5 مليون تأييد، وتحديدًا 23 مليون و549 ألف و616 صوت بفارق 57% من الأصوات. مقابل 15 مليون و500 ألف صوت لأكبر منافسيه إبراهيم رئيسي، الأمر الذي يعني فوزه بأكثر من 50 %، التي يشترط الدستور الإيراني تخطّيها للفوز دون إجراء جولة تصويت فاصلة. بالرغم من أن تلك النسبة منخفضة بالمقارنة بنسبة فوزة في فترة رئاسته الأولى، وتأييد كامل من قِبل السنه في إيران.
لكن نسبة التصويت بحسب متابعين قد بلغت 71% على الأقل، فيما وُصف التفاعل بأنه يحمل إقبال كبير بشكل غير متوقع. حيث كان من المفترض أن يتم إغلاق أبواب مراكز الاقتراع في تمام الساعة العاشرة مساء أمس بتوقيت طهران، لكن تم مدّ التصويت لفترة أطول قليلًا، حتى الساعة الحادية عشر مساءً بسبب كثرة المشاركة والإقبال في الانتخابات على حد قول وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فاضلي، وهو ما أكدّه مسؤولون أيضًا؛ إن مد التصويت جاء تلبية للطلبات الجماهيرية بسبب المشاركة "الحماسية" للناخبين الإيرانيين.
ويعود تأثير تلك الإنتخابات على مستقبل الشعب الإيراني وقرارات شراكاته على كافة الأصعدة، حيث أن إيران تعتبرضمن اللاعبين الرئيسيين في منطقة الشرق الأوسط مع السعودية وتركيا الذين يمثلوا الثلاثة قوى الإقليمية في المنطقة إلى جانب دولة الإحتلال الإسرائيلي، تدخل إيران ضمنهم بسبب البرنامج النووي التي تسعى لتطويره منذ سنوات، وهو ما يمثّل خطر كبير إقليميًا ودوليًا، بالإضافة إلى دعمها لحكومتي العراق وسوريا؛ اللذان يشهدان صراعًا كبيرًا، بالتالي فإن جميع القوى تنظر إلى طهران باعتبارها جزءًا من المشكلة والحل لسياسات المنطقة في وقتٍ واحد.
بالتالي يمكن أن تتأثر قرارات تشكيل كل تلك السياسات بشخصية الرئيس المنتخب لإيران، لأن السياسيات الداخلية في إيران، تمثّل في الأساس صراعًا بين جناحي المحافظين والإصلاحيين المعتدلين. أي بشكل أكثر وضوحًا صراعًا ما بين المرشد الأعلى "آية الله خامنئي" وبين الرئيس المنتخب "حسن روحاني، لكن بالرغم من فوز روحاني اليوم إلا أن تلك النتائج ربما لن تغير من الأمور ما يمكن اعتباره تغير جذري، لأن السلطة الأساسية الأكثر تأثيرًا، لا تزال في قبضة المرشد الأعلى للبلاد آية الله علي خامنئي وفق الدستور الإيراني.
كيف سارت تلك الإنتخابات؟
أكّد رئيس حملة المرشح المحافظ ابراهيم رئيسي "شتكى علي نكزاد" على وقوع عدة مخالفات قانونية في عملية التصويت، ودعا السلطات الى اتخاذ بعض الاجراءات المناسبة تجاه ذلك، وأشار إلى عدد من النشاطات الدعائية قد قام بها عدد من المسؤولين ومؤيدي الحكومة" حصلت الغرض منها تعزيز موقف الرئيس حسن روحاني الساعي الى اعادة انتخابه لفترة ولاية ثانية، ووصف هذه المخالفات بأنها "تصرفات لا أخلاقية" تسعى لإنتهاك حقوق الشعب الإيراني". كما أوضح أحد مساعديه أن حوالي 219 مخالفة قانونية تم تسجيلها، وأن سكان المناطق المؤيدة "لرئيسي" بما فيها مدينة ولادته "مشهد" لم يستلموا العدد الكافي من بطاقات الاقتراع.
وشاركه الرأي رئيس الجهاز القضائي في طهران غلام حسين اسماعيلي موضحًا "إن المناطق المحيطة بطهران شهدت العديد من المخالفات، وأن هناك تقارير كثيرة تتعلق ببيع وشراء أصوات ناخبين في مراكز اقتراع مختلفة، وقد اعتقل أكثر من 100 شخص لانتهاك قوانين الانتخابات". كما شدّد على أن كافة السلطات القضائية في البلاد قد اتخذت وجهات عديدة لتنفيذ القانون، ووضعت كافة الاجراءات اللازمة لمنع مثل هذه التجاوزات.
في المقابل أوضح رئیس مجلس الشوری في إيران "علی لاریجانی" إن نسبة الاقبال على هذا التصويت في تلك الانتخابات تعتبر الأعلى في تاريخ إيران منذ 92 عامًا، بنسبة مشاركة تخطّت 70%، بدون وجود تجاوزات تذكر على حد قوله. بينما أعلنت اللجنة المركزية للرقابة على الانتخابات الإيرانية تشديدها في بيان أصدرته قبل قليل، قالت فيه إنه لا مرجع يحق له ايقاف نشاطات المراكز الانتخابية أو الغاء نتائجها سوى مجلس صيانة الدستور المنوط له تلك المهمة.
أيضًا قالت لجنة الاشراف على انتخابات المجالس البلدية في إيران، تؤكد في بيان أصدرته ان الاقتراع يجري الكترونيا في 9740 مركزًا للتصويت من دون مشاكل تذكر، معارضة لما يدعيه مناصري "إبراهيم رئيسي". ذلك بالإضافة لما أشار إليه رئيس جهاز الشرطة الإيرانية "حسين اشتري" بأنه لم يتم رصد أي حادث أمني يمكن أن يُعيق سير الانتخابات الإيرانية حتى انتهاءها، بل إن أكثر من 20 ألف عنصر أمني من عناصر دوريات الشرطة المترجلة، وعلى الدراجات النارية، وفي السيارات أيضًا، قد انتشروا إلى جانب النقاط الأمنية الثابتة والمتحركة لضمان أمن تلك الانتخابات بشكلٍ لا يشوبه قلق.
حسن روحاني.. من هو؟ وماذا يعني انتخابه مرة أخرى؟
حسن روحاني البالغ من العمر 68 عامًا، متزوج ولديه 4 أطفال، وهو الرئيس السابع للجمهورية الإسلامية الإيرانية بولايته الثانية، رجل دين هادئ الطبع، كان يحمل مسمّى "حسن فريدون" عند ولادته، ولكنه تم تغييره إلى حسن روحاني مع بداية ذيوع صيته السياسي في إيران وخارجها. اشتهر بذكائه الشديد وقدراته الخطابية العالية، وهو حائز على شهدة دكتوراه بالقانون من جامعة كاليدونيان في مدينة غلاسكو الاسكتلندية.
وشغل "روحاني" بعد ذلك منصب سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي، واستمر فيه حوالي 16 عامًا متواصل، بالتزامن مع ذلك، بدأ حياته المهنية في المجلس الإيراني مع بداية عهد الرئيس هاشمي رفسنجاني، وأكمل عمله أيضًا في عهد الرئيس محمد خاتمي. بينما في فترة تعيينه في منصب "كبير المفاوضين النوويين في إيران" منذ أكتوبر تشرين الأول 2003 حتى أغسطس آب 2005 كان قد بدأ فترة الإهتمام الدولي بتطوير البرنامجد النووي الإيراني؛ وإثارة وتطوير ذلك البرنامج، بل الحصول على اعتمادات وقرارات "شديدة اللهجة والتأييد" من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ووصل "روحاني" الى سدة الحكم في إيران عام 2013 بعد تقدمه للترشّح، ووعوده الكثيرة لناخبيه بالإصلاح والتغيير. وربما كان الانجازه الأكثر تأثيرًا منذ بداية تولّيه ذلك المنصب؛ هو التوصّل إلى اتفاق مع القوى الدولية في عام 2015 والذي قد أنهى المواجهة معها بشأن برنامج ايران النووي، وكان أيضًا من شأن ذلك الإتفاق المذكور نزع حدة التوتر الموجود بين إيران والغرب بالتحديد، وقد كان. إلى إنه أدّى بالفعل إلى رفع جزئي أو "مرحلي" للعقوبات المفروضة على طهران. بينما لم تظهر الى الآن أي منافع اقتصادية نتيجة رفع العقوبات بحسب خبراء في الشأن الإيراني.
بالرغم من أن ذلك الإتفاق النووي الذي أبرمه "روحاني" قد أتاح لبعض الشركات الأجنبية السماح بالعودة للتعامل مع ايران، كما ساهم في تحقيق معدل نمو كبير بلغ 6,6% في طهران بحسب بيانات صندوق النقد الدولي، إلا إنه لم يكن له مردود واضح أو دور كبير في خفض معدلات البطالة التي تواجهها الدولة الإيرانية بكثافة، حيث بلغ معدل البطالة في ايران حاليًا ما يقرب من 12,5%. بالتالي يعتبر ذلك الموضوع مصيري وحيوي، وعلى رأس أجندة روحاني القادمة، بل إنها محط أنظار معارضيه في الداخل والخارج أيضًا.
بالتالي، وعلى ما يبدو أن المنافسة بين آية الله خامنئي وحسن روحاني محسومة سابقًا لصالح خامنئي، حيث يملك الرجل السيطرة على الجيش الإيراني والحرس الثوري الذي يبلغ عدد مقاتليه حوالي 128 مقاتل، والقضاء ووسائل الإعلام الحكومية والهيئات الإنتخابية، وهو ما يجعل من سلطات روحاني محدودة، وربما الأكثر تأثيرًا أيضًأ امتلاكه للشركات المملوكة للدولة التي تهيمن على الاقتصاد الإيراني، الأمر الذي يجعل السيطرة الأكبر في كل تلك الأمور في يد خامنئي.
لعب معسكر حسن روحاني دورًا رئيسيًا في إبرام الاتفاق النووي التاريخي مع القوى الدولية من خلال إقناع المرشد الأعلى، الذي يُعد مقربا بشدة من المؤسسة المحافظة، بقبول الاتفاق النووي على مضض، ويصنّف روحاني إلى جانب معسكر المعتدلين في إيران؛ الذين يدعموا انفتاح الإيرانيون على العالم الخارجي، ويضعوا ضوابط استرخاء وسلام في المجتمع الإيراني، كما أن له أربعة سنوات في السلطة الجديدة، بالتالي ربما نرى تصعيد وتطوير مستمر في الاتفاق النووي "التاريخي" بالرغم من المعارضة الأمريكية الشديدة لذلك الإتفاق، والتي على ما يبدو يمكن أن تتحول لحالة صراع وحرب رسمية.
وقد حمل روحاني أيضًا راية معسكر الإصلاح في الأسابيع الأخيرة بمجموعة من الخطابات "النارية" بوصف متابعون، والتي تهاجم سجل حقوق الإنسان من قبل معارضيه. وكان روحاني يعرف من قبل بموقفه المعتدل المنتمي للمؤسسة القائمة أكثر من كونه إصلاحيا متحمسًا أو ثوري إذا لزم الأمر. لكن المرشد الأعلى في إيران يملك أقوى نفوذ سياسي على الإطلاق في النهاية، حيث تشمل صلاحياته تعيين رؤساء الجهاز القضائي والجيش ووسائل الإعلام الرئيسية، بالإضافة إلى ذلك يوكّل إليه أولوية الموافقة على صلاحية رئيس الجمهورية المنتخب لتسلّم مهام عمله.
وبحسب تقارير لصحف أمريكية قالت "إنه على كل من وضع أملًا في أن يساهم الاتفاق النووي الأخير الذي عقده روحاني في زيادة قوة الإصلاحيين ونفوذهم في إيران، في مقابل مواجهة الإتجاه الديني المحافظ، عليه أن يعيد التفكير في ذلك، فذلك الاتفاق الذي أمل خامنئي في أن يحدث دفعة اقتصادية عن طريق إنهاء العقوبات الدولية لم يحقق النتائج المنتظرة، لتبدأ ردة الفعل القوية".
في حديثه عقب الفوز قال روحاني "نحن بحاجة إلى الدفاع عن الاتفاق النووي، وربما لا نكون قد حققنا كل ما نريده بسرعة، ولكن هناك ما هو إيجابي" على ما يبدو أن روحاني لا يزال يضع على رأس اهتماماته " البرنامج النووي الإيراني، كما يحمل مهام تطويره وإصلاحه، وهو ما يمثل إستمرار لسياسات العداء الإقليمي الذي تمثّله السعودية، والعالمي الذي تمثّله الولايات المتحدة الأمريكية. بالإضافة إلى تأييد الصراعات المسلحة في سوريا والعراق، بما يحقق مصالحها الشخصية.
إجمالًا، فإذا كان روحاني هو الرئيس الفعلي مرة أخرى أمام تعارض وجهات النظر مع المرشد الأعلى، يظل التساؤل؛ هل روحاني يستطيع أن يفرض سياساته التي تختلف عن خامنئي في الوقت الذي يبدأ فيه خلافهم من إصرار الأخير على معارضة أصغر قرارات روحاني، وربما هي تدريس اللغة الإنجليزية وصولًا إلى السياسات الخارجية والبرنامج النووي، هذا ما نترقبه خلال الفترة القادمة.






تعليقات