top of page

aboutMe

Egyptian writer and photographer, graduated from the Faculty of Media and Communication Arts, Radio and Television Department, interested in writing in philosophy, literature and film criticism.

مخرج 200 متر: الفيلم قوس مكسور لمشاعر عائلتي

  • صورة الكاتب: Hossam Elkholy
    Hossam Elkholy
  • 7 نوفمبر 2020
  • 5 دقائق قراءة




"سأعود، بأعضاء من حديد، ببشرة سمراء وبعين متوهجة: إن رأوا قناعي سيحكمون بأني من سلالة قوية. سيكون لدي ذهب: سأكون متبطلًا وشرسًا. سأخالط الساسة وسترعى النساء توحشاتي المعطوبة العائدة من بلاد حارة. سأعيش خلاصي. أما الآن، فأنا تحت وطأة اللعنة، يرعبني الوطن. لا شيء أفضل من نومة سكرانة على بساط من الرمل". هكذا تقول كلمات الأمل من ألسنة الذين يعانون في حياتهم، وهكذا يمكن أن نصف حركة الفنان الفلسطيني، وربما بشكل أكثر مباشرة لا يمكننا البدء في الحديث عن الفيلم الفلسطيني 200 متر دون وصفه حركة التي تأمل في صنع واقع أفضل من دون هذه الكلمات.


في الدورة الرابعة لمهرجان الجونة السينمائي، عرض الفيلم الفلسطيني 200 متر للمخرج الفلسطيني أمين نايفة وإنتاج الفلسطينية مي عودة، والذي كان قد عرض للمرة الأولى في مهرجان فينيسيا السينمائي وحاز إعجاب النقاد ليعيد الحماسة مرة بعد مرة في ثقة الفنان الفلسطيني في فنه.

فاز الفيلم خلال المهرجان بأكبر عدد من الجوائز: جائزة مينا مسعود الخيرية في الجونة، ثم جائة لجنة تحكيم الفيبريسي، ثم جائزة سينما من أجل الإنسانية وعلى إعجاب وإشادة نقدية وبكاء استمر على مدار عرضه للجمهور العام.


انبهار لجنة التحكيم

يقول عضو لجنة التحكيم رامي المتولي لـ"ذات مصر" أن أكثر ما لفت نظره للفيلم كان تناوله الإنسانية للقضية التي كثيرًا ما يتم تقديمها في سياق سياسي بحت، ونجح الفيلم في تقديم ذلك دون مباشرة وسطحية.


قطعة فنية خالصة تحكي مأساة الشعب الفلسطيني الأزلية مع الحصار ومع إسرائيل، مع حرية الحركة ومحدودية الفرص، من خلال قصة أسرة صغيرة يعيش فيها الأب (مصطفى) على جانب الجدار العازل بينما تعيش زوجته وأولاده على الجانب الآخر يفصل بينهم سور 200 متر، تبقى أمامهم الحسرة اليومية في اقترابهم البعيد، من أجل الحصول على لقيمات يمكنهم العيش منها. ما يهم من هذا كله أن بطل العمل الفلسطيني الذي قام نجاح العمل على كتفه علي سليمان، لم يستطع الدخول إلى مصر وحضور المهرجان، على الغالب بسبب هويته الفلسطينية، منتجة الفيلم قالت لـ"ذات مصر" أنها حزينة على عدم حضور كل من شارك في الفيلم ولم تعلق أكثر، لكن مصادر لـ"ذات مصر" قالت أنه محجوز من قبل الجهات الأمنية المصرية التي قررت عدم دخوله بسبب مشكلة كانت قد تمت معه في مهرجان الإسكندرية منذ أعوام قليلة منعًا لحدوث مشكلات في وقت حرج.


بخصوص الفيلم قال أنه لا يمكنه السيطرة على مشاعرة تجاه الاحتفاء بعد عرض الفيلم، يتذكر تعثر المشروع منذ سنوات أمام أزمات التمويل والتصوير. في الفيلم يقول أحد الأبطال "هذا الشاب كان يمكن أن يموت بسبب هذا الفيلم" وربما رمزية ذلك كادت تنسحب على مخرجه وصناعه، ولكن الاحتفاء الكبير الذي شهده العرض ربما هون عليهم ما واجهوه من مصاعب تفوق المنطق.

سيرة ذاتية حالمة

ساعد العمل كمونتير ومهندس صوت المخرج أمين نايفة على القيام بعدد من الأدوار التي يجب على المخرج فهمها، فعلى مدار سبعة أعوام، وهي الفترة التي قضاها على العمل على هذا الفيلم كان يعمل بجانبها عدة أعمال في هندسة الصوت والإنتاج تساعده على العيش ليتمكن من صنع فيلمه كمخرج. هذا الفيلم كان الفيلم الأول الذي يعمل عليه المخرج، يقول في حواره مع "ذات مصر" أنه ظل على مدار هذه السنوات في رعب من تقديمها قبل أن يحصل على التمويل الكافي لإنتاجها، كان يتعجب من كونها فكرة يراها الناس كل يوم أمامهم ولا يدركون ما في داخلها من مشاعر.


يقول نايفة: صراحة خلال فترة الكتابة كنت مرعوبًا من أن يحكيها غيري، لأنها تُعاش يوميًا بسبب الجدار لكل من يعيش حوله، طوال الوقت هناك مخرجون أشهر لو كانت لديهم الفكرة كانوا أنتجوا الفيلم بشكل أسرع مني. كنت ولا زلت أتعجب لعدم التفات هؤلاء لقصة بتلك البساطة والمباشرة التي تحكي تفاصيل الحياة اليومية، قصة فيلم 200 متر جزء من قصة عائلتي ليس بالشكل الحرفي لكني تعايشت مع تفاصيل منها.


عندما سألنا المنتجة مي عودة لماذا تحمست أكثر من أي فردٍ آخر للعمل على هذا الفيلم، كان ترى أنه ليس لكونها فلسطينية تتلمس المشاعر ذاتها فحسب لكن لأنها كما قالت في حوارها مع "ذات مصر" ترى فيه مشروع مخرج مختلف على كل المستويات، فقبل حتى أي جوائز للفيلم الحالي اقترحت عليه بعض من المشاريع الأخرى للعمل عليها كمخرج. فالمرء يعتقد أن ما يعانيه كإنسان فلسطيني، من كثرة روايته قد أصبح يعلمه القاصي والداني ثم تكتشف أن هناك من يكتشفها كمشاعر تعاطف بِكر في داخله بين كل قصة وقصة.

درس نايفة في معهد السينما، برنامج على مدار عامان، ثم اختار وقتها إتجاه الإنتاج والصوت؛ يقول "كنت أعتقد أن وضع الإنتاج ليس سهلًا وكنت ولا زلت أحب العمل على الصوت، منذ هذا الوقت كنت أريد إخراج أول أفلامي، كان حلمي النهائي أريد العمل كمخرج لكن العمل كومنتير ومهندس صوت لإدراك مفهوم أكبر لكني مخرج".


كثيرًا ما يحكي أمين بخصوص صعوبات الإنتاج التي عايشها خلال قصص الفيلم. رغم كل ذلك يقول أنه حتى لو عادت به السنوات لم يكن ليختار فيلمًا أسهل من قصته تلك لحكيها وتحمل صعوبات إنتاج مثلها مرة أخرى لأنها نابعة من ألم شخصي عايشته وآخرين مثلي وخصوصًا رحلة العمال التي أسميها "معبر الذل" عندما يقررون تخطي هذا السور.

ارتباك الإخراج الأول؟

بعض التعليقات كانت تعتبر الفيلم به بعض الارتباك أحيانًا رغم شاعريته المدركة جيدًا، إذا سلمنا بوجود هذا الارتباك وحاولنا تلمس أسبابه لا نعلم إذا كان سببه ما تقع فيه كل فيلم أول لمخرجه: حكي العديد من الأشياء داخل حيز ضيق بالتالي تتوه تفاصيل وتضغى أخرى على بعضها أم يرجع لعدم وعي كامل من الجمهور بسياقات القصة الحقيقية من الأساس وفق ما علق أمين نايفة.

يقول: كان هناك بعض الخطر، أحيانًا صادروا "كروت التسجيل" مثلًا، أحد المرات على حاجز إسرائيلي أوقفتنا السلطات الإسرائيلية للتحقيق وكادوا يصادروا ما صورناه لولا تحايلنا على الأمر بإدعاء أننا نصور فيلم تسجيلي.


في النهاية فكرة الفنان الفلسطيني والسفر مشكلة مؤسسة لفهم هذا الفنان، على سبيل المثال فيلم 200 متر في جوهره يحكي عن محدودية الحركة التي يعانيها الفلسطيني؛ بين الهوية الفلسطينية والهوية الإسرائيلية، جميعها أشياء تعكس قصص عائلات تفرقت وفق الورق الرسمي في هوياتهم خصوصًا من يحمل هوية فلسطين الداخل أو فلسطين 48 الذين يحملون جواز سفر إسرائيلي الممنوعون أساسًا من دخول بعض الدول العربية.


رغم منع بطل العمل الأهم من الحضور، يتخيل نايفة إذا ما كنت مُنع من الحضور مع الفيلم، يقول "بالتأكيد كنت سأحزن لكن لن أستطع سحبه كذلك، قدمت الفيلم ليشاهده الجمهور وهو ما وفره المهرجان".


نفكر سويًا هل سنتمكن من إيجاد حلول بخصوص حرية حركة الفنان الفلسطيني كواقع تفرضه قوة أفلام صناعه تغير من تعامل الحكومات مع هؤلاء الأبطال. في السلطة الفلسطينة هناك بعض التشتت الذي يصعب من احتواء حرية الفنان الفلسطيني.


ما شعرت خلاله بعد الفيلم "على مدار سبع سنوات عملت فيها على صناعة الفيلم انتابتني فترات اكتئاب من أنه هذا الفيلم لن ير النور من كثرة الصعوبات، حتى وصلت أن أغير مهنتي كصانع أفلام أساسًا لأنها لا توفر دخلًا كافي لعملي، أنا لدي شهادة في التمريض، فكرت كثيرًا في الرجوع للعمل في التمريض أو البناء من أجل العيش حياة كريمة حتى بعد انتهاء صناعته وذهابه إلى مهرجان فينيسيا لم تتركني هذه المشاعر، لكن بعد رؤية ردود فعل المتفرجون في فينيسيا ثم في مصر (مهرجان الجونة) أكد كثيرون أنه عليك الاستمرار لأنه لا زال لدي قصص يمكنني حكيها. نقلت هذه الردود نظرتي إلى يقينية العمل في صناعة الأفلام.


هناك فكرتان تصلحان للعمل في المشروع المقبل؛ أحدهما مع المنتجة مي عودة تريد إخراج وعرضت علي ذلك الذي يحكي قصة طفل فلسطيني من مخيمات لبنان، أحكي من خلاله موهبته تلك وحبه للكرة أثناء الحرب الأهلية في لبنان. هناك فكرتي الخاصة التي أحاول أن أحكي خلالها قصة عجوز وحفيده التي تنشأ بينهم صداقة أحكي من خلالها تغيرات الأجيال في الداخل والخرج؛ طفل قادم من دبي وجد يعيش في قرية مهمشة.


فيلم 200 متر أثبت بعد عرضه وحصده للجوائز أهمية الفنان الفلسطيني الذي لا زال يحاول ليقدم قصته الخاصة دون مظلومية يستحقها لكن بأدوات فنية لصناع متمرسين يفهمون موقعهم من العالم.


نٌشر في موقع ذات مصر.

 
 
 

Comments


bottom of page