"نعم.. نعم أنا أهوى الدمار" ماذا يسمع الجهادي؟
- Hossam Elkholy
- 21 يونيو 2018
- 7 دقائق قراءة

"ألترا صوت" ربما يعتبر الفن التعبيرالذي يشترك فيه غالبية البشر في تركيبة الإنسان وتشكيل وعيه واختياراته المُختلفة، حتى لو اختلفت مضامين رِسالاته وأساليب عَرضه. لكن لا زال يشعر الكثيرون بعدم جدوى الفن في حل قضايا مصيرية. هنا ثمة سؤال مهم يتعلق بدور الفن عمومًا وتجاوزه للدور الترفيهي ومعرفة مدى جدواة في مواجهة مشاكل مصيرية مثل قضية الإرهاب وتحجيمها كموضوع يطرح بإلحاح نتيجة الوضع الحرج الذي يعيشه أبناء الوطن العربي بوجود عدد كبير من التنظيمات الجِهادية. بشكل أكثر تكثيفًا لقضية فضفاضة كهذه؛ كيف يمكننا أن نواجه ببعض كلماتٍ من الشعر أو قليل من مقاطع الموسيقى قضية تُظهر كثيرًا من العنف؟
دانيال بارينبويم الإسرائيلي الحائز على جائزة فولف للفن، الذي انتقد السياسة الإسرائيلية وقت تسليمة الجائزة، وقدّم أعمال فنية داخل إسرائيل للموسيقي الألماني ريشارد فاغنر المتهم بعدائه لليهود والسامية عمومًا. إشترك "دانيال" والمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد في أول ورشة عمل موسيقية مشتركة، خرج منها فرقة سيمفونية شرق أوسطية "ديوان غرب شرق".
ربما يعلم دانيال دور الموسيقى أو الفن عمومًا في الناس. حيث قال بعدها في الفيلم الوثائقي "الإعتراف هو البداية" حين تسأله صحفية إذا كانت التربية الموسيقية تستطيع منع طفل فلسطيني من رمي الحجارة على الإسرائيليين؟ كانت الإجابة إنه لا يعتقد حدوث ذلك، لكن الموسيقى مع الوقت تقضي على التطرف!
لم يختلف كثيرًا عن "داليدا" الذي حملها الفن على الغناء لإسرائيل. ربما الهدف واحد إن الفن بعيد عن كُل تلك الحروب والكراهية.
إذن ما هو الإرهاب ولماذا يحدث؟
أي عمل ترضخ فيه الجماعة أو عدد من الناس مجبّرين على ذلك لتغيير واقع أو أشياء "بالقوة" لجماعة أخرى تخالفها الرأي هو إرهاب بتعريف القاموس. ففي المادة الثانية من ميثاق الأمم المُتحدّة "إن القتل والتسبب بأذى جسدي أو نفسي كبير لأفراد من المجموعة وإخضاع المجموعة عن قصد لظروف حياة مدروسة بهدف تعريضها جزئيًا أو كليًا للدمار الجسدي".
ننطلق من هذه المعلومة ونحاول في ألترا صوت أن نرصد أشهر أسباب الإرهاب ودوافع الإنسان فرديًا لتَقبّل عمل إرهابي دون أن نخوض كثيرًا في المصالح الدولية أو الدينية التي تخدم بعض الدول على حساب أخرى، وعلى رأسِها الفهم الخاطيء للنص الديني والتأثر الشديد بإرضاخ من هم مختلفين معي في الرأي بالعنف والقوة.
على ما يبدو يمكننا القول إن إقصاء الدولة للفرد أو الجماعة يمكن أن يفرض رأيه أو إثبات ذاته حتى لو تطلب الأمر بعض القوة والعنف. أو ما يمكن تسميته "الشعور القوي بالمظلومية" أي أن يشعر الفرد إنه المظلوم عمدًا من المجتمع الذي يعيش فيه أو إن شعور الفرد سواء داخل جماعته أو خارجها بإنه ضئيل، لم ولن يستطيع التغيير السلمي للأشياء التي يراها خاطئة في نظره من المُمكن أن تصنع منة شخصًا إرهابيًا. ربما أيضًا شعوره بالخطر وخوفه الشديد على أولادة أو الصغار تحت رعايتة، ومحاولة حمايتة من هذا المُجتمع. وأخيرًا يُمكن للظروف القاسية التي ينشأ فيها الفرد في حين يرى من حوله أسعد حالًا منه ليس عن وجه حق.
أناشيد الجهاديين .. إرهاب من نوعٍ آخر
"رغِب رسول الإسلام مع إعلان النكاح الحلال بما يجوز من الشهادة، ومن ضرب النساء بالدف، وبغنائهن غناء غير ماجن، ولا فتنة فيه، ولا اختلاط رجال بِنساء. ويكون أيضًا بالدعوة إلى الوليمة ولعب الرجال بالحِراب ونحوها؛ مما فيه تدريب على الجِهاد في سبيل الله إذا كانوا على حدة. أما إذا كان إعلان النِكاح بما لا يجوز شرعًأ؛ من ضرب الرجال بالدُف ورقص الرجال أو نِساء، أو عمل تمثيليات أو استعمال ألات لهو كأجهزة الموسيقى وسائر المعازف، فذلك غير جائز، ولو كان كلٍ من الرجال والنساءِ على حدة، وبالله التوفيق" كان هذا نص إجابة الهيئة الدائمة للإفتاء السلفية وهي أعلى هيئة إفتاء في السعودية بتحريم الموسيقى والأغاني.
وقال الشيخ ابن باز أما الطبل ونحوه من هذه الأناشيد والسماع دون قصد ولا إصغاء كسماع من يمشي في الطريق غناء آلات اللهو في الدكاكين أو ما يمر به من السيارات، ومن يأتية من بيته صوت الغناء من بيوت جيرانه دون أن يستهويه ذلك، فهذا مغلوب على أمره لا إثم عليه.
بينما قال آخر إنه يجوز لك أن تستعيض عن هذه الأغاني بأناشيد إسلامية فيها من الحِكم والمواعظ والعِبر ما يثير الحماس والغيره على الدين ويَهُز العواطف الإسلامية، وينفّر من الشر ودواعيه، لتبعث نفس من يُنشدها ومن يسمعها إلى طاعة الله وتُنفّر من معصيته تعالى، وتَعدّي حدوده إلى الإحتماء بحمى شَرعُه والجِهاد في سبيلة لكن لا يُتخد من ذلك وِردًا لنفسه يلتزمه، وعادة يستمر عليها، بل يكون ذلك في الفينة بعد الفينة عند وجود مُناسبات ودواعِ تدعو إليه كالأعراس والأسفار للجهاد ونحوه. وعند فتور الهمم لإثارة النفس والنهوض بها إلى فعل الخير، وعند نزوع النفس إلى الشر وجموحها لردعها عنه وتنفيرها منه.
حيث كان ديدن الصحابة وشأنهم بالكِتاب والسنة حِفظًا ودراسة وعلمًا، ومع ذلك كان لهم أناشيد يترنمون بها في مثل حفر الخندق وبناء المساجد وفي سيرهم إلى الجهاد دون أن يجعلوه شعارهم ويُعيروه جُل إهتمامهم وعنايتهم لكنّه مما يُروّحون به عن أنفسهم ويهيجون به مشاعرهم.
على ما يبدو تتخِذ التنظيمات الجِهادية من هذا الرأي طريقها لتوصيل رسالتِها إلى العالم. بالتالي يستخدم الجهاديون ما يُعرف بالأناشيد الدينية باعتبار حُرمانية الموسيقى ويكون ذلك عبارة عن ترديد لبعض أبيات الشِعر أو موشحٍ ما. تُلخِص أفكار التنظيم وتوجهاته، وتَحُثه على الجهاد والموت في سبيل فِكرتَهم مُتخدين من تلك الفتوى أساسًا شرعيًا لهم.
قال أحد المساجين السابقين الذي جمعته فترة إحتجازة مع بعض الجهاديين الدعشيين إنهم يتعاملوا مع أناشيدهم بِشكل مُقدس يجعلهم يرددوها كُل ليلة، يرى أحمد بحسب بي بي سي إن هذه الأناشيد مليئة بالفُجر والدم «الآن الآن بالسيف وبالقرآن نقول لخليفتنا قولًا لا نُدرك معناه، لو خُضت بنا يا أبا بكر بحر الموت لخضناه.
في خطوة شائكة تستدعِ تحليل خِطاب هذه الجماعات لمعرفة الدوافع والأسباب التي تجعلهم يُقدمون عليه، نسعى هنا أن نُلقي الضوء أكثر على الكلمات التي تستخدِمها التنظيمات الجِهادية كتنظيم داعش وجبهة النُصرة، التي ربما تُظهر جَليًّا كيف يُفكر هؤلاء؟ ولماذا؟ وما هي أهدافهم؟ بشكلٍ أكثر وضوحًا يقربنا من حقيقة لا نستطيع تجاهلها.
غالبية أناشيد الجهاديين نجد فيها الحثّ الشديد والإقدام على الموت إلى حد تمنّيه في بعض الأحيان باعتباره «الشهادة الكُبرى والحظ السعيد». حيث الشهيد هو الخالد الباقي ومن غيره ذائلون بالتالي هي الفدية القليلة لهذه المكافئة.
تقدّم إلى الموتِ ثُم إقتحم.
وفي موكب العاديات إلتحم.
وخضّ للشهادة حومَ الوغى.
فمهرُ الخلودِ فناءً ودمْ.
على الدرب سِر مثل أسد الثرى.
فتيًا لك السيف لا ينسلب.
https://l.facebook.com/l.php?u=https%3A%2F%2Fm.youtube.com%2Fwatch%3Fv%3DhqDXuvpyNPo&h=ATPlw2Ugs35UWBMMb8kZsWJ
"انتصارنا يعني انتصار الإسلام" تلك النظرية التي لا تزال في مخيلة أي تنظيم جهادي يريد فرضها، وهو ما يتبعه بالضرورة إظهار الجميع أعداء وإنها حرب ومؤامرة ضد الإسلام بالتحديد «قام للإسلام صرحًا في بلاد الرافديّن، دولة الإسلام تبقى رغم أنف الحاقدين ثم يتم استعراض القوة بكثرة القتل وسفك المخالفين في الرأي أو المُرتدين كما يراهم التنظيم.
قام للإسلام صرحًا في بلاد الرافديّن.
دولة الإسلام تبقى رُغم أنف الحاقدين.
مرت الأعوام خمسًا في تحدٍ وصمود.
كم تخطينا صعابٍ كم كسرنا من قيود.
كم قطعنا من رؤوسٍ كم فللنا من حديد.
كم بذلنا من نفوسٍ كم فقدنا من شهيد؟
نحن إن ننزل بساحٍ ساء صبح المُنذَرين.
نحن إن نضحي أتينا نسحق الكُفر اللعين.
https://l.facebook.com/l.php?u=https%3A%2F%2Fm.youtube.com%2Fwatch%3Fv%3DFUENHNXymjY&h=ATPlw2Ugs35UWBMMb8kZsW
بحماسة شديدة تبدأ الإنشودة باستعراض القوة وبتأكيد المبدأ الأسمى أي فرض الإسلام وإزالة العوائق من طريقه، محو الشِرك باعتباره مُعتقد مُنافس حيث كُل الأديان بعد الإسلام كُفر. ثم يبدأ التباكي والحنين على الماضي الذي أعزهم كمسلمين وجعلهم أسياد الزمان مرورًا بالتسليم المُطلق للقيادة الدينية والسياسية الرشيدة التي لا تُخطئ.
تنتقل الإنشودة للحديث عن الأعضاء الذين هم بالكاد من دول مُختلفة في الوطن العربي أي لإثبات تعددية التنظيم وواحدية آراءه لإيصال رسالة مفادها إننا في كُلِ مكان، ثم الختام بالتأكيد على خوض المعارك وتمنّي الشهادة.
على نغماتِ حمحمة الجيادِ
وقرع سيوفنا البيضِ الحِداد
سنمضي «نفرضُ» الإسلامَ دينًا
ونمحو الشِرك من كل النوادي
لنا ماضٍ به كُنا ملوكًا
على الدنيا سلو السُحب الغوادي
لنا ماضي سنرجعه عزمنا
سنرجعه ولو كرِه الأعادي
***
حنايانا تَحِنُ إلى ذُرانّا
ذُرى الأمجادِ ساحاتِ الجهاد
وأنفُسنا تطوقُ إلى رُبانا
روابينا ميادينِ الجِياد
***
بنا يا قادة الجبهاتِ سيروا
نمد لكم مشايخنا الأيادي
نعاهدكم على خوضِ المنايا
ورضّعِ الكافرين أولو العنادِ
لنا في ساحة الأفغانِ شَعُبًا
يُلبي كلما نادى المنادي
لنا في مغربِ الإسلامِ قومًا
كرامًا ثابتون على المبادي "المباديء"
لنا في تونس الخضراء جيلًا
سيُحيي عهد طارق بن زياد
وفي الصومالِ فرسانًا وأسدً
قُماتًا قابضون على الزِناد
عراق المجد جئناها فقامت
تحيينا الحواضر والبوادي.
نحيي في رُبا الأقصى رجالًا
بحُكم الله ما برحت تُنادي
بنو التوحيد في سيناء هبوا
مضوا يعلون أعلامِ الرشادِ
على أرض الجزيرة قد بدأنا
وفي الأقصى اللقا بُشر العِبادِ
حياة الذُل لا نرتضيها
وحب الموت بالعز المُرادُ
وإن الموت في درب الجهاد
ففضل الله يأتي من يشاءُ.
https://l.facebook.com/l.php?u=https%3A%2F%2Fwww.youtube.com%2Fwatch%3Fv%3DcjDYEz_kKko&h=ATPlw2Ugs35UWBMMb8kZs
أوجعيني يا جراحي أوجعيني
لا تُراعي من بكائي وأنيني
وإضربي في كلِ قطرٍ
به قتيلٍ أو طريدٍ أو سجينِ
أوجعيني إنني رُغم مُصابي
ما زلت لم يعرق جبيني
أوجعيني لم أعد أخشاكي إني
بتُ أهواكي إذا ما تهتويني
مزقي قلبي بأنواعِ البلايا
وأجعلي الهم رفيقي وقريني
أوجعيني إنني أزداد بأسًا.
يُظهر النشيد تعذيب للذات ربما متوقعة من أفراد التنظيم لكنّها الآن تتخطّى الوصف، تتلذذ بالألم والعذاب نتيجة المعارك المستمرة التي يخوضها. يصبح المجاهد مُتمنّيًا في النهاية أن تجعلة الأوجاع أقوى في مواجهة العالم الذي عجز في البداية عن مواجهته.
هَتَفَ الشِبلُ سأحيا سرميدًا
وأمام الظُلمِ إعصارًا عصيًا
أبذل الروحِ وأشتاق المنيا
في يميني نطق الصخر أبيا
من دمائي ترتوي الأرض فدائًا
تُنبت الأرض نضالًا أبديًا
جاهل الباغون أني في إبائي
ما عشت يومًا للدنية.
***
أنا شبلًا مُسلمًا حرًا أبيًا
صاغني القراءن مغوارًا عصيّا
عزتي من نبع ديني وكتابي
منهما قد صرت في عليّا
شعبنا المطعون لا يرضى هوانًا
قاوم الباغين كهلا وفتيًا
***
كم سقينًا الكفر كأسًا من جحيمًا.
ورأو منا جهادًا قدسيــــا.
عربد الكفر بعِرضي ودمائي.
ومضى قتلًا وسحقًا همجيّـا.
كيف يُسقى شعبنا ظلمًا مريرًا.
ويُباد الشعب شيخًا وصبيًا.
"صاغني القُراءن مِغوارًا عصيّا" ربما من هنا نيمكننا أن نلقي الضوء على الفهم الخاطيء للقراءن حيث يُرجع الجهادي ما يستخدمه من عُنف إلى مرجعية إسلامية، وهو ما ينفيه شيوخ وعلماء الإسلام المعارضين لهذه الأفكار، ثم الإحساس المُستمر بالظلم والإهانة للمجموعة التي ينتمي إليها الفرد.
https://l.facebook.com/l.php?u=https%3A%2F%2Fm.youtube.com%2Fwatch%3Fv%3Dn9oSnwSVe2I&h=ATPlw2Ugs35UWBMMb8kZsWJ
مِقدام يطلب ثأرة.
ويرى في الموت بِشارة.
ألِفَ الإذلالَ وقامَ
يسنجُ بالعزِ فقاره
كطريدٍ سأم تجاهه
ومضي يستجلي نهارة
كالنجم الهائمِ يهوى
في فلك المجد مدارة
لم يرضى الدنيا دارة
كلا والبدو جِدارة.
لا يخلو نشيد جهادي من ذِكر الموت وتمنيه. تُظهر تلك الإنشودة ذلك الجانب الذي يوضح جيدًا ما يشعر به الجهادي من ذُل وقهر "أَلِفَ الإذلال وقامَ" حيث لم يجد حلول لتنفيذ فِكرته "كطريد سأم الدنيا" يرى من العُنف حل لا يُفيده لكنّه لا يَضُره.
برشاشِهم سطّروا الملحمة.
وصاغوا المعارك بالأحزمة.
وصانة حما شرع أرواحِهم.
وبنفسٍ زادو عن المسلمة.
شباب بنيرانهم اجهزوا.
على دولة الردة المُجرمة.
فكم جندلو من عميلًا.
جبًا أبادوة بضرّة القاسمة.
يُخيف الطواغيت إرهابهم.
ومن بطشهم ترجِفُ الأنظمة.
نهارًا يشنّون غاراتِهم.
ويُغزون في ليلة مُظلمة.
صراعًا مضوا للحواري الحِسان.
على صدرهم أشرف الأوسمة.
وسام الشِهادة أسمى المُنى.
هنيئًا لمن حازها خاتمًا.
تبدأ الأنشودة الأسهل استخدامًا لغالبية مقاتلي التنظيمات «الرشاش» ليجعل منه بداية وأساس الإنتصار في المعارك، بالتالي لا يُمكن للحوار أن يكون عُنصر حسّم لأي صراع يكون الجهاديين فيه طرف صراع "وصانوا المعارك بالأحزمة". على ما يبدو يُظهر "كالمعتاد" مبدأ العُنف الذي لا يرى الجهاديين غير مسلك أمام كُل مخالف وكافر أمام دولة الرِدة المُجرمة.
نعم.. نعم أنا أهوى الدمار.
أُسّر إذا ما سمعتُ إنفجار.
وتعشق عيني لون الدِماءِ.
وقسوة قلبي وعُنفي شعار.
ويسأل قومي لماذا تُقاتل.
لماذا تقاوم أتهوى الدمار؟
لماذا تُروع طفلًا صغير.
تُجدّد جُرج الشيوخ الكِبار!
نعم نعم أنا أهوى الدمار.
تعجّلت لم أحتمل الإنتظار.
أتُسبى نسائي ويُطوى غدي.
أتُسلبُ أرضي جهارًا نهار.
وسُنة أحمد قد أهملت.
وأمتنا أُلبست ثوب عار.
أيجد العداء راحة في بلادي.
أأهدي العداء لذة الإنتصار!.
نعم نعم أنا أهوى الدمار.
إذا لم أجد لي سواه اختيار.
فلا أمن إلا بِظلِ العقيدة.
ولا غيرُ قراءننا مُستشار.
ربما تحتوي تِلك الأنشودة تحديدًا معايير الحُكم ومجموعة الأسباب والقناعات لدى التنظيمات، تبدأ بشعار غريب إلى حدٍ ما، وهو تمني الدمار في ذاته. يُعبر ذلك عن ما ينطوي عليه مُردّدي هذه الأفكار والشعارات من خلل، وعلى ما يبدو يأتي التأكيد "نعم" مرتين هو ما يجعلهم على يقين مما تثيره وقع الجملة التالية من جدل على السامع "نعم.. نعم أنا أهوى الدمار" وربما يكتمل الخلل بالتصريح بيانًا أن تكون ألوان الدِماء وسماع دوي الإنفجارات مصدرًا للسعادة.
"أتُسبى نسائي ويُطوى غدي. أتُسلبُ أرضي جهارًا نهار" بالإضافة إلى "وسُنة أحمد قد أهملت. وأمتنا أُلبست ثوب عار".
في المقابل تعد هذه الأسباب الظاهرة في مجملها السبب الرئيسي في ظهور الفرد الجِهادي أو الجماعة الجِهادية التي ذكرناها سابقًا؛ الإحساس بالعجز وعدم التملّك والسيطرة على الأمور بالإضافة لغياب المُعتقد الشخصي أو الإحساس بعدم الإنتماء لهذا المُجتمع، وهو بالكاد ما يجعل من "قبول العنف".
بالإضافة إلى التفكير من خلاله واعتباره حلًا للمشكلات سبب رئيسي. لكن تُعد النقطة الرئيسية هنا تحديدًا في جملة إذ لم أجد لي سواه اختيار ربما تُعد هذه الجُملة تفسير جامع لو جاز اللفظ لكل الأسباب سالفة الذِكر التي تخلق فرد جِهادي ولكنّه ليس مانع إذ يُمكن لأسباب برغماتية "نفعية" أخرى أن تكون في الصورة. «الإقصاء والعُزلة وعدم الإهتمام، عدم الإنتماء، قلة الحيلة» تجعل من كل الحلول السلمية والحوار محض هُراء ومُراهقة. ولا تجعل أمام الفرد الجِهادي سوى العنف والدمار وذلك العُنف الذي نراه ونترقبه في أي خطوة وكل وقت.
Comments